
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قِـف بِهَـذا البَحـرِ وَاُنظُر ما غَمَر
مَظهَــرَ الشــَمسِ وَإِقبـالَ القَمَـر
وَاَعــرِضِ المَـوجَ مَلِيّـاً هَـل تَـرى
غَمـــرَةً أَودَت بِخَـــوّاصِ الغُمَــر
أَخَـــذَت ناحِيَـــةَ الحَـــقِّ بِــهِ
وَسـَبيلَ النـاسِ فـي خـالي العُصُر
مَنَــعَ اللُبــثَ وَإِن طـالَ المَـدى
فَلَـــكٌ مـــا لِعَصـــاهُ مُســتَقَر
دائِرُ الـــدولابِ بِالنــاسِ عَلــى
جــانِبَيهِ المُرتَقــى وَالمُنحَــدَر
نَقَـــضَ الإيـــوانَ مِــن آساســِهِ
وَأَتــى الأَهــرامَ مِـن أُمِّ الحُجَـر
وَمَحـــا الحَمـــراءَ إِلّا عَمَـــداً
نَزعُهــا مِــن عَضــُدِ الأَرضِ عَســِر
أَيـــنَ رومِيَّـــةُ مــا قَيصــَرُها
مــا لَياليهـا المُرِنّـاتُ الـوَتَر
أَيــنَ وادي الطَلــحِ وَاللائي بِـهِ
مِـن دُمـىً يَسحَبنَ في المِسكِ الحِبَر
أَيــنَ نــابِلِيونُ مــا غــاراتُهُ
شــَنَّها الــدَهرُ عَلَيـهِ مِـن غِيَـر
أَيُّهــا السـاكِنُ فـي ظِـلِّ المُنـى
نَــم طَــويلاً قَـد تَوَسـَّدتَ الزَهَـر
شــــَجَرٌ نـــامٍ وَظِـــلٌّ ســـابِغٌ
بَيـدَ أَنَّ الصـِلَّ فـي أَصـلِ الشـَجَر
يَـذَرُ المَـرءُ وَيَـأتي مـا اِشـتَهى
وَقَضـــاءُ اللَــهِ يَــأتي وَيَــذَر
كُــلُّ مَحمــولٍ عَلــى النَعــشِ أَخٌ
لَـــكَ صــافٍ وُدُّهُ بَعــدَ الكَــدَر
إِن تَكُــن سـِلماً لَـهُ لَـم يَنتَفِـع
أَو تَكُـن حَربـاً فَقَـد فـاتَ الضَرَر
راكِــبَ البَحــرِ أَمَـوجٌ مـا تَـرى
أَم كِتـابُ الـدَهرِ أَم صـُحفُ القَدَر
لُجَّــةٌ كَــاللَوحِ لا يُحصــى عَلــى
قَلَــمِ القُــدرَةِ فيهـا مـا سـُطِر
فَتَلَفَّـــــت وَتَنَســــَّم حِكمَــــةً
وَاِلمِـس العِـبرَةَ مِـن بَيـنِ الفِقَر
وَتَأَمَّــــل مَلعَبــــاً أَعجَبُــــهُ
آيَــةً جــانِبُهُ المُرخــى السـُتُر
هَهُنــا تَمشــي الجَــواري مَرَحـاً
وَجَــواري الـدَهرِ يَمشـينَ الخَمَـر
رُبَّ ســـَيفٍ ضـــَرَبَ الجَمــعُ بِــهِ
فـي كُنـوزِ البَحـرِ مَطـروحَ الكِسَر
وَنِجـــادَ لَـــم يُطــاوَل ضــَحوَةً
نــالَهُ الفَجــرُ عِشــاءً بِالقِصـَر
وَســـَفينَ آمِــرٍ فيهــا البِلــى
طالَمــا أَوحَــت إِلَيــهِ فَــأتَمَر
وَوُجـــوهٍ ذَهَـــبَ المــاءُ بِهــا
فـي نَهـارِ الفَـرقِ أَو لَيلِ الشَعَر
وَعُيــــونٍ ســــاجِياتٍ ســــُجِّيَت
بِرُفــاتِ الســِحرِ أَو فَـلِّ الحَـوَر
قُــل لِلَيــثٍ خُســِفَ الغيــلُ بِـهِ
بَيــــنَ طِــــمٍّ وَظَلامٍ مُعتَكِــــر
اُنظُـــرِ الفُلــكَ أَمِنهــا أَثَــرٌ
هَكَـذا الـدُنيا إِذا المَـوتُ حَضـَر
هَـــذِهِ مَنزِلَـــةٌ لَـــو زِدتَهــا
ضـاقَ عَنـكَ السـَعدُ أَو ضاقَ العُمُر
فَـاِمضِ شـَيخاً فـي هَوى المَجدِ قَضى
رَحمَــةَ المَجــدِ وَرِفقـاً بِـالكِبَر
ميتَــةٌ لَــم تَلــقَ مِنهـا عَلَـزاً
مِــن وَقـارِ اللَيـثِ أَن لا يُحتَضـَر
أَنتُـمُ القَـومُ حِمـى المـاءِ لَكُـم
يَرجِــعُ الــوِردُ إِلَيكُـم وَالصـَدَر
لُجَــجُ الــدَأماءِ أَوطــانٌ لَكُــم
وَمِــــنَ الأَوطـــانِ دورٌ وَحُفَـــر
لَسـتَ فـي البَحـرِ وَحيـداً فَاِستَضِف
فيــهِ آبــاءَكَ تَنــزِل بِالــدُرَر
رَســـَبوا فيــهِ كِرامــاً وَطَفــا
طــائِفُ النَصــرِ عَلَيهِـم وَالظَفَـر
نَشـــَأَ النيــلُ إِلَيكُــم ســيرَةً
لَكُمـــو فيهـــا عِظــاتٌ وَعِبَــر
إِقرَأوهــا يُكشــَفُ العَصــرُ لَكُـم
كُـــلُّ عَصـــرٍ بِرِجـــالٍ وَســـِيَر
لا تَقولــوا شـاعِرُ الـوادي غَـوى
مَــن يُغــالِط نَفســَهُ لا يُعتَبَــر
مَوقِـفُ التاريـخِ مِـن فَـوقِ الهَوى
وَمَقـامُ المَـوتِ مِـن فَـوقِ الهَـذَر
لَيــسَ مَــن مــاتَ بِخـافٍ عَنكُمـو
أَو قَليــلِ الفِعـلِ فيكُـم وَالأَثَـر
شــِدتُمو دُنيــاهُ فــي أَحســَنِها
غَــزوَةَ السـودانِ وَالفَتـحِ الأَغَـر
وَبَنـــى مَملَكَــةَ النــوبِ بِكُــم
فَاِذكُروا القَتلى وَلا تَنسوا البِدَر
وَاِحـذَروا مِـن قِسـمَةِ النيـلِ فَيا
ضـَيعَةَ الـوادي إِذا النيـلُ شـُطِر
رَجُــلٌ لَيــسَ اِبــنَ قــارونَ وَلا
بِـاِبنِ عـادِيٍّ مِـنَ العَظـمِ النَخِـر
لَيــسَ بِـالزاخِرِ فـي العِلـمِ وَلا
هُــوَ يَنبــوعُ البَيـانِ المُنفَجِـر
رَضـــَعَ الأَخلاقَ مِـــن أَلبانِهـــا
إِنَّ لِلأَخلاقِ وَقعـــاً فــي الصــِغَر
وَرَآهـــا صـــورَةً فـــي أُمَّـــةٍ
وَمِـنَ القُـدوَةِ مـا تـوحي الصـُوَر
ذَلِـــكَ المَجـــدُ وَهَــذي ســُبلُهُ
بَيِّـــنٌ فيهــا ســُبلُ المُعتَــذِر
أَبَعــدَ السـاعونَ يَبغـونَ المَـدى
وَالمَــدى فـي المَجـدِ دانٍ لِنَفَـر
كَجيــادِ الســَبقِ لَــن تُغنِيَهــا
أَدَواتُ السـَبقِ مـا تُغنـي الفِطَـر
وَجَنــــاحُ الســـِلمِ إِلّا أَنَّهـــا
ســاعَةَ الــرَوعِ جَنـاحٌ مِـن سـَقَر
مِـــن حَديــدٍ جانِباهــا ســابِغٍ
رَبَـــضَ المَـــوتُ عَلَيــهِ وَفَغَــر
أَشـــبَهَت أَفواهُهـــا أَعجازَهــا
قُنفُــذٌ فـي اليَـمِّ مَشـروعُ الإِبَـر
أَرهَفَــت ســَمعَ العَصـا وَاِكتَحَلَـت
إِثمِـدَ الزَرقـاءِ فـي عَـرضِ السَدَر
وَتُـــؤَدّي القَـــولَ لا يَســـبِقُها
رُســُلُ الأَرواحِ فــي نَقـلِ الفِكَـر
خَطَـــرَت فــي مِحجَرَيهــا وَمَشــَت
بِعُيــونِ المُلــكِ فـي بَحـرٍ وَبَـر
غابَــةٌ تَجــري بِســُلطانِ الشـَرى
خــادِراً مِــن أَلــفِ نـابٍ وَظُفُـر
وَإِذا المَــوتُ إِلـى النَفـسِ مَشـى
وَرَكِبــتَ النَجــمَ بِــالمَوتِ عَثَـر
رُبَّ ثــاوٍ فــي الظُــبى مُمتَنِــعٍ
سـَلَّهُ المِقـدارُ مِـن جَفـنِ الحَـذَر
تَســـحَبُ الفــولاذَ فــي مُلتَطَــمٍ
بِـــالعَوادي مُتَعـــالٍ مُعتَكِـــر
لَـــو أَشــارَت جاءَهــا ســاحِلُه
فـــي حَديـــدٍ وَعَديــدٍ مُنتَصــِر
أَو فَـــدى المَيِّــتَ حَــيٌّ فُــدِيَت
بِوَقــاحٍ فــي الجَــواري وَخِفَــر
بَعَــثَ البَحـرُ بِهـا كَـالمَوجِ مِـن
لُجَــجِ الســِندِ وَخُلجــانِ الخَـزَر
لَمَســــَتها لِلمَقــــاديرِ يَـــدٌ
تَلمَــسُ المــاءَ فَيَرمـي بِالشـَرَر
ضــَرَبَتها وَهــيَ سـِرٌّ فـي الـدُجى
لَيـسَ دونَ اللَـهِ تَحـتَ اللَيـلِ سِر
وَجَفَــت قَلبــاً وَخــارَت جُؤجُــؤاً
وَنَــزَت جَنبــاً وَنـاءَت مِـن أُخَـر
طُعِنَـــت فَاِنبَجَســـَت فَاِستَصــرَخَت
فَأَتاهـــا حينُهــا فَهــيَ خَبَــر
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932