
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا أَيُّهـا النـاعي أَبا الوُزَراءِ
هَـــــذا أَوانُ جَلائِلِ الأَنبــــاءِ
حُــثَّ البَريـدَ مَشـارِقاً وَمَغارِبـاً
وَاِركَـب جَنـاحَ البَـرقِ في الأَرجاءِ
وَاِسـتَبكِ هَذا الناسَ دَمعاً أَو دَماً
فَــاليَومُ يَــومُ مَــدامِعٍ وَدِمـاءِ
لَــم تَنـعَ لِلأَحيـاءِ غَيـرَ ذَخيـرَةٍ
وَلَّــت وَغَيــرَ بَقِيَّــةِ الكُبَــراءِ
رُزءُ البَرِيَّـةِ فـي الـوَزيرِ زِيادَةٌ
فيمــا أَلَــمَّ بِهــا مِـنَ الأَرزاءِ
ذَهَبَـت عَلـى أَثَـرِ المُشـَيَّعِ دَولَـةٌ
بِرِجالِهـــا وَكَـــرائِمِ الأَشــياءِ
نُــدمانُ إِســماعيلَ فــي آثـارِهِ
ذَهَبــوا وَتِلـكَ صـُبابَةُ النُـدَماءِ
وُلِـدوا عَلـى راحِ العُلا وَتَرَعرَعوا
فـــي نِعمَـــةِ الأَملاكِ وَالأُمَــراءِ
أَودى الــرَدى بِمُهــذَّبٍ لا تَنتَهـي
إِلّا إِلَيـــهِ شـــَمائِلُ الرُؤَســاءِ
صـافي الأَديـمِ أَغَـرَّ أَبلَجَ لَم يَزِد
فــي الشــَيبِ غَيـرَ جَلالَـةٍ وَرُواءِ
مُتَجَنِّـــــبِ الخُيَلاءِ إِلّا عِـــــزَّةً
فـي العِـزِّ حُسـنٌ لَيـسَ في الخُيَلاءِ
عَـفِّ السـَرائِرِ وَالمَلاحِـظِ وَالخُطـا
نَـــزِهِ الخَلائِقِ طــاهِرِ الأَهــواءِ
مُتَـدَرِّعٍ صـبرَ الكِـرامِ عَلـى الأَذى
إِنَّ الكِــرامَ مَشــاغِلُ الســُفَهاءِ
نَقَمــوا عَلَيــهِ رَأيَــهُ وَصـَنيعَهُ
وَالحُكــمُ لِلتاريــخِ فــي الآراءِ
وَالـرَأيُ إِن أَخلَصـتَ فيـهِ سـَريرَةً
مِثــلُ العَقيـدَةِ فَـوقَ كُـلِّ مِـراءِ
وَإِذا الرِجالُ عَلى الأُمورِ تَعاقَبوا
كَشــَفَ الزَمـانُ مَواقِـفَ النُظَـراءِ
يـا أَيُّهـا الشـَيخُ الكَريـمُ تَحِيَّةً
أَنــدى لِقَــبرِكَ مِـن زُلالِ المـاءِ
هَـذا المَصـيرُ أَكـانَ طـولَ سـَلامَةٍ
أَم لَــم يَكُــن إِلّا قَليــلَ بَقـاءِ
مـاذا اِنتِفاعُكِ بِاللَيالي بَعدَ ما
مَــرَّت بِــكَ السـَبعونَ مَـرَّ عِشـاءِ
أَو بِالحَيـاةِ وَقَـد مَشى في صَفوِها
عـادي السـِنينَ وَعاثَ عادي الداءِ
مَـن لَـم يُطَبِّبـهُ الشـَبابُ فِـداؤُهُ
حَتّــــى يُغَيِّبَـــهُ بِغَيـــرِ دَواءِ
قَسـَماتُ وَجهِـكَ فـي التُرابِ ذَخائِرٌ
مِـــن عِفَّـــةٍ وَتَكَـــرُّمٍ وَحَيــاءِ
وَلَكَــم أَغـارُ عَلـى مُحَيّـا ماجِـدٍ
وَطَــوى مَحاســِنَ مَســمَحٍ مِعطــاءِ
كَـم مَوقِـفٍ صـَعبٍ عَلـى مَـن قـامَهُ
ذَلَّلتَــــهُ وَنَهَضـــتَ بِالأَعبـــاءِ
كِــبرُ الغَضـَنفَرِ يَـومَ ذَلِـكَ زادَهُ
مِـــن نَخـــوَةٍ وَحَمِيَّــةٍ وَإِبــاءِ
مَـن يَكـذِبِ التاريـخَ يَكـذِبُ رَبَّـهُ
وَيُســـيءُ لِلأَمـــواتِ وَالأَحيـــاءِ
السـِلمُ لَـو لَـم تودِ أَمسِ بِجُرحِها
أَودَت بِهَـــذي الطَعنَـــةِ النَجلاءِ
لَـو أُخِّـرَت فـي العَيشِ بَعدَكَ ساعَةً
لَبَكَــت عَلَيــكَ بِمَـدمَعِ الخَنسـاءِ
اِنفُـض غُبـارَكَ عَنكَ وَاِنظُر هَل تَرى
إِلّا غُبــــارَ كَتيبَـــةٍ وَلِـــواءِ
يـا وَيـحَ وَجـهِ الأَرضِ أَصبَحَ مَأتَماً
بَعــدَ الفَـوارِسِ مِـن بَنـي حَـوّاءِ
مِــن ذائِدٍ عَــن حَوضــِهِ أَو زائِدٍ
فــي مُلكِــهِ مِــن صـَولَةٍ وَثَـراءِ
أَو مــانِعٍ جــاراً يُناضـِلُ دونَـهُ
أَو حـــافِظٍ لِعُهـــودِهِ ميفـــاءِ
يَتَقـاذَفونَ بِـذاتِ هَـولٍ لَـم تَهَـب
حَـرَمَ المَسـيحِ وَلا حِمـى العَـذراءِ
مِــن مُحــدَثاتِ العِلـمِ إِلّا أَنَّهـا
إِثــمٌ عَواقِبُهــا عَلـى العُلَمـاءِ
لَهَفـي عَلـى رُكـنِ الشـُيوخِ مُهَدَّما
وَالحــامِلاتِ الثُكــلَ وَاليُتَمــاءِ
وَعَلــى الشـَبابِ بِكُـلِّ أَرضٍ مَصـرَعٌ
لَهُــمُ وَهُلــكٌ تَحــتَ كُــلِّ سـَماءِ
خَرَجـوا إِلـى الأَوطانِ مِن أَرواحِهِم
كَــرَمٌ يَليــقُ بِهِـم وَمَحـضُ سـَخاءِ
مِـن كُـلِّ بـانٍ بِالمَنِيَّةِ في الصِبا
لَـم يَتَّخِـذ عِرسـاً سـِوى الهَيجـاءِ
المُرضــِعاتُ ســَكَبنَ فـي وِجـدانِهِ
حُــبَّ الــدِيارِ وَبِغضــَةَ الأَعـداءِ
وَقَـرَّرنَ فـي أُذُنَيـهِ يَـومَ فِطـامِهِ
أَنَّ الــدِماءَ مُهــورَةُ العَليــاءِ
أَأَبـا البَنـاتِ رُزِقتَهُـنَّ كَرائِمـاً
وَرُزِقــتُ فــي أَصـهارِكَ الكُرَمـاءِ
لا تَــذهَبَنَّ عَلـى الـذُكورِ بِحَسـرَةٍ
الــذِكرُ نِعــمَ ســُلالَةُ العُظَمـاءِ
وَأَرى بُنـاةَ المَجـدِ يَثلِـمُ مَجدَهُم
مــا خَلَّفــوا مِـن طالِـحٍ وَغُثـاءِ
إِنَّ البَنــاتَ ذَخــائِرٌ مِـن رَحمَـةٍ
وَكُنـــوزُ حُـــبٍّ صــادِقٍ وَوَفــاءِ
وَالســـاهِراتُ لِعِلَّــةٍ أَو كَــبرَةٍ
وَالصـــــابِراتُ لِشـــــِدَّةٍ وَبَلاءِ
وَالباكِياتُـكَ حيـنَ يَنقَطِـعُ البُكا
وَالزائِراتُـكَ فـي العَـراءِ الناءِ
وَالــذاكِراتُكَ مـا حَيِيـنَ تَحَـدُّثاً
بِســــَوالِفِ الحُرُمــــاتِ وَاللَآلاءِ
بِــالأَمسِ عَزّاهُــنَّ فيــكَ عَقــائِلٌ
وَاليَــومَ جــامَلَهُنَّ فيـكَ رِثـائي
أَبيـكَ مـا الـدُنيا سِوى مَعروفِها
وَالبِـــرَّ كُــلُّ صــَنيعَةٍ بِجَــزاءِ
أَجَزِعــنَ أَن يَجـري عَلَيهِـنَّ الَّـذي
مِـن قَبلِهِـنَّ جَـرى عَلـى الزَهـراءِ
عُـذراً لَهُـنَّ إِذا ذَهَبـنَ مَـعَ الأَسى
وَطَلَبـنَ عِنـدَ الـدَمعِ بَعـضَ عَـزاءِ
مــا كُـلُّ ذي وَلَـدٍ يُسـَمّى والِـداً
كَــم مِــن أَبٍ كَالصـَخرَةِ الصـَمّاءِ
هَبهُـنَّ فـي عَقـلِ الرِجـالِ وَحِلمِهِم
أَقُلــوبُهُنَّ ســِوى قُلــوبُ نِســاءِ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932