
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
رَكَـزوا رُفاتَـكَ فـي الرِمـالِ لِـواءَ
يَســتَنهِضُ الــوادي صــَباحَ مَســاءَ
يـا وَيحَهُـم نَصـَبوا مَنـاراً مِـن دَمٍ
تــوحي إِلـى جيـلِ الغَـدِ البَغضـاءَ
مـا ضـَرَّ لَـو جَعَلـوا العَلاقَةَ في غَدٍ
بَيـــنَ الشـــُعوبِ مَــوَدَّةً وَإِخــاءَ
جُــرحٌ يَصــيحُ عَلـى المَـدى وَضـَحِيَّةٌ
تَتَلَمَّــــسُ الحُرِّيَــــةَ الحَمـــراءَ
يـا أَيُّهـا السـَيفُ المُجَـرَّدُ بِالفَلا
يَكسـو السـُيوفَ عَلـى الزَمـانِ مَضاءَ
تِلــكَ الصــَحاري غِمــدُ كُـلِّ مُهَنَّـدٍ
أَبلــى فَأَحســَنَ فــي العَــدُوِّ بَلاءَ
وَقُبــورُ مَــوتى مِــن شـَبابِ أُمَيَّـةٍ
وَكُهــولِهِم لَــم يَــبرَحوا أَحيــاءَ
لَــو لاذَ بِــالجَوزاءِ مِنهُــم مَعقِـلٌ
دَخَلــوا عَلــى أَبراجِهـا الجَـوزاءَ
فَتَحــوا الشــَمالَ سـُهولَهُ وَجِبـالَهُ
وَتَوَغَّلــوا فَاِســتَعمَروا الخَضــراءَ
وَبَنَــوا حَضــارَتَهُم فَطـاوَلَ رُكنُهـا
دارَ الســــَلامِ وَجِلَّـــقَ الشـــَمّاءَ
خُيِّـرتَ فَـاِختَرتَ المَـبيتَ عَلى الطَوى
لَــم تَبــنِ جاهــاً أَو تَلُـمَّ ثَـراءَ
إِنَّ البُطولَـةَ أَن تَمـوتَ مِـن الظَمـا
لَيــسَ البُطولَــةُ أَن تَعُــبَّ المـاءَ
إِفريقيــا مَهــدُ الأُســودِ وَلَحـدُها
ضــــَجَّت عَلَيــــكَ أَراجِلاً وَنِســـاءَ
وَالمُســلِمونَ عَلــى اِختِلافِ دِيـارِهِم
لا يَملُكــونَ مَــعَ المُصــابِ عَــزاءَ
وَالجاهِلِيَّـــةُ مِــن وَراءِ قُبــورِهِم
يَبكــونَ زيــدَ الخَيــلِ وَالفَلحـاءَ
فــي ذِمَّــةِ اللَـهِ الكَريـمِ وَحِفظِـهِ
جَســـَدٌ بِبُرقَـــةَ وُســِّدَ الصــَحراءَ
لَـم تُبـقِ مِنـهُ رَحى الوَقائِعِ أَعظُماً
تَبلــى وَلَــم تُبـقِ الرِمـاحُ دِمـاءَ
كَرُفـــاتِ نَســرٍ أَو بَقِيَّــةِ ضــَيغَمٍ
باتـــا وَراءَ الســـافِياتِ هَبــاءَ
بَطَـلُ البَـداوَةِ لَـم يَكُـن يَغزو عَلى
تَنَــكٍ وَلَــم يَــكُ يَركَــبُ الأَجـواءَ
لَكِــن أَخــو خَيــلٍ حَمـى صـَهَواتِها
وَأَدارَ مِـــن أَعرافِهــا الهَيجــاءَ
لَبّــى قَضــاءَ الأَرضِ أَمــسِ بِمُهجَــةٍ
لَـــم تَخـــشَ إِلّا لِلســَماءِ قَضــاءَ
وافــاهُ مَرفــوعَ الجَــبينِ كَــأَنَّهُ
ســُقراطُ جَــرَّ إِلــى القُضـاةِ رِداءَ
شــَيخٌ تَمالَــكَ ســِنَّهُ لَــم يَنفَجِـر
كَالطِفــلِ مِـن خَـوفِ العِقـابِ بُكـاءَ
وَأَخــو أُمــورٍ عــاشَ فـي سـَرّائِها
فَتَغَيَّــــرَت فَتَوَقَّــــعَ الضــــَرّاءَ
الأُسـدُ تَـزأَرُ فـي الحَديـدِ وَلَن تَرى
فـي السـِجنِ ضـِرغاماً بَكـى اِستِخذاءَ
وَأَتــى الأَســيرُ يَجُـرُّ ثِقـلَ حَديـدِهِ
أَســــَدٌ يُجَـــرِّرُ حَيَّـــةً رَقطـــاءَ
عَضــَّت بِسـاقَيهِ القُيـودُ فَلَـم يَنُـؤ
وَمَشــَت بِهَيكَلِــهِ الســُنونَ فَنــاءَ
تِســعونَ لَــو رَكِبَـت مَنـاكِبَ شـاهِقٍ
لَتَرَجَّلَــــت هَضــــَباتُهُ إِعيــــاءَ
خَفِيَـت عَـنِ القاضـي وَفـاتَ نَصـيبُها
مِـــن رِفـــقِ جُنـــدٍ قــادَةً نُبَلاءَ
وَالســُنُّ تَعصــِفُ كُــلَّ قَلــبِ مُهَـذَّبٍ
عَـــرَفَ الجُـــدودَ وَأَدرَكَ الآبـــاءَ
دَفَعــوا إِلـى الجَلّادِ أَغلَـبَ ماجِـداً
يَأســو الجِــراحَ وَيُعَتِــقُ الأُسـَراءَ
وَيُشـــاطِرُ الأَقــرانَ ذُخــرَ ســِلاحِهِ
وَيَصـــُفُّ حَـــولَ خِــوانِهِ الأَعــداءَ
وَتَخَيَّــروا الحَبــلَ المَهيـنَ مَنِيَّـةً
لِلَّيـــثِ يَلفِــظُ حَــولَهُ الحَوبــاءَ
حَرَموا المَماتَ عَلى الصَوارِمِ وَالقَنا
مَــن كــانَ يُعطـي الطَعنَـةَ النَجلاءَ
إِنّــي رَأَيـتُ يَـدَ الحَضـارَةِ أولِعَـت
بِـــالحَقِّ هَـــدماً تــارَةً وَبِنــاءَ
شـَرَعَت حُقـوقَ النـاسِ فـي أَوطـانِهِم
إِلّا أُبـــاةَ الضـــَيمِ وَالضـــُعَفاءَ
يـا أَيُّهـا الشـَعبُ القَريـبُ أَسـامِعٌ
فَأَصــوغُ فــي عُمَـرَ الشـَهيدِ رِثـاءَ
أَم أَلجَمَــت فــاكَ الخُطـوبُ وَحَرَّمَـت
أُذنَيـــكَ حيــنَ تُخــاطَبُ الإِصــغاءَ
ذَهَــبَ الزَعيــمُ وَأَنـتَ بـاقٍ خالِـدٌ
فَاِنقُــد رِجالَــكَ وَاِختَـرِ الزُعَمـاءَ
وَأَرِح شــُيوخَكَ مِـن تَكـاليفِ الـوَغى
وَاِحمِــل عَلــى فِتيانِــكَ الأَعبــاءَ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932