
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ســَماؤُكِ يــا دُنيــا خِـداعُ سـَرابِ
وَأَرضـــُكِ عُمـــرانٌ وَشــيكُ خَــرابِ
وَمــا أَنـتِ إِلّا جيفَـةٌ طـالَ حَولَهـا
قِيـــامُ ضـــِباعٍ أَو قُعـــودُ ذِئابِ
وَكَـم أَلجَـأَ الجـوعُ الأُسـودَ فَأَقبَلَت
عَلَيــكِ بِظُفــرٍ لَــم يَعِــفَّ وَنــابِ
قَعَـدتِ مِـنَ الأَظعـانِ في مَقطَعَ السُرى
وَمَــرّوا رِكابــاً فـي غُبـارِ رِكـابِ
وَجُـدتِ عَلَيهِـم فـي الـوَداعِ بِسـاخِرٍ
مِـنَ اللَحـظِ عَـن مَيـتِ الأَحِبَّـةِ نابي
أَقـاموا فَلَـم يُؤنِسـكِ حاضـِرُ صـُحبَةٍ
وَمــالوا فَلَــم تَستَوحِشــي لِغِيـابِ
تَســوقينَ لِلمَــوتِ البَنيـنَ كَقـائِدٍ
يَــرى الجَيـشَ خَلقـاً هَيِّنـاً كَـذُبابِ
رَأى الحَــربَ ســُلطاناً لَـهُ وَسـَلامَةً
وَإِن آذَنَــــت أَجنـــادَهُ بِتَبـــابِ
وَلَـولا غُـرورٌ فـي لُبانِـكَ لَـم يَجِـد
بَنــوكِ مَــذاقَ الضــُرِّ شـَهدَ رُضـابِ
وَلا كُنــتِ لِلأَعمــى مَشــاهِدَ فِتنَــةٍ
وَلِلمُقعَــدِ العــاني مَجــالَ وَثـابِ
وَلا ضَلَّ رَأيُ الناشِيءِ الغِرِّ في الصِبا
وَلا كَــرَّ بَعــدَ الفُرصـَةِ المُتَصـابي
وَلا حَســِبَ الحَفّــارُ لِلمَـوتِ بَعـدَما
بَنــى بِيَــدَيهِ القَـبرَ أَلـفَ حِسـابِ
يَقولــونَ يَرثــي كُــلَّ خِـلٍّ وَصـاحِبٍ
أَجَــل إِنَّمــا أَقضـى حُقـوقَ صـِحابي
جَزَيتُهُـمُ دَمعـي فَلَمّـا جَـرى المَـدى
جَعَلــتُ عُيـونَ الشـِعرِ حُسـنَ ثَـوابي
كَفــى بِـذُرى الأَعـوادِ مِنبَـرَ واعِـظٍ
وَبِالمُســـتَقِلّيها لِســـانَ صـــَوابِ
دَعَوتُـكَ يـا يَعقـوبُ مِن مَنزِلِ البِلى
وَلَـولا المَنايـا مـا تَرَكـتَ جَـوابي
أُذَكِّــرُكَ الـدُنيا وَكَيـفَ وَلَـم يَـزَل
لَهــا أَثَــرا شــَهدٍ بِفيــكَ وَصـابِ
حَمَلنـا إِلَيـكَ الغـارَ بِالأَمسِ ناضِراً
وَســُقنا كِتـابَ الحَمـدِ تِلـوَ كِتـابِ
وَمـا اِنفَكَّـتِ الدُنيا وَإِن قَلَّ لُبثُها
لِســـانَ ثَــوابٍ أَو لِســانَ عِقــابِ
أَلا فـي سـَبيلِ العِلـمِ خَمسـونَ حِجَّـةً
مَضـــَت بَيــنَ تَعليــمٍ وَبَيــنَ طِلابِ
قَطَعــتَ طَــوالَي لَيلِهــا وَنَهارِهـا
بِآمــالِ نَفــسٍ فـي الكَمـالِ رِغـابِ
رَأى اللَـهُ أَن تُلقـى إِلَيـكَ صـَحيفَةٌ
فَنَزَّهتَهـــا عَـــن هَوشــَةٍ وَكِــذابِ
وَلَـم تَتَّخِـذها آلَـةَ الحِقـدِ وَالهَوى
وَلا مُنتَـــدى لَغــوٍ وَســوقَ ســِبابِ
مَشــَينا بِنــورَي عِلمِهـا وَبَيانِهـا
فَلَــم نَســرِ إِلّا فــي شـُعاعِ شـِهابِ
وَعِشـنا بِهـا جيلَيـنِ قُمـتَ عَلَيهِمـا
مُعَلِّـــمَ نَشـــءٍ أَو إِمــامَ شــَبابِ
رَســائِلُ مِــن عَفــوِ الكَلامِ كَأَنَّهـا
حَواشــي عُيـونٍ فـي الطُـروسِ عِـذابِ
هِـيَ المَحـضُ لا يَشـقى بِهِ اِبنُ تَميمَةٍ
غِــذاءً وَلا يَشــقى بِـهِ اِبـنُ خِضـابِ
سـُهولٌ مِـنَ الفُصحى وَقَفتَ بِها الهَوى
عَلـى مـا لَـدَيها مِـن رُبـىً وَهِضـابِ
وَمـا ضـِعتَ بَينَ الشَرقِ وَالغَربِ مِشيَةً
كَمـا قيـلَ فـي الأَمثـالِ حَجـلُ غُرابِ
فَلَــم أَرَ أَنقـى مِنـكَ سـُمعَةَ ناقِـلٍ
إِذا وَســَمَ النَقــلُ الرِجـالَ بِعـابِ
وَكَــم أَخَــذَ القَـولَ السـَرِيَّ مُعَـرِّبٌ
فَمــــا رَدَّهُ لِاِســــمٍ وَلا لِنِصـــابِ
وَفَـدتَ عَلـى الفُصـحى بِخَيراتِ غَيرِها
فَــوَاللَهِ مــا ضـاقَت مَنـاكِبَ بـابِ
وَقِـدماً دَنَـت يونـانُ مِنهـا وَفـارِسٌ
وَرومــا فَحَلّــوا فـي فَسـيحِ رِحـابِ
تَبَتَّلــتَ لِلعِلــمِ الشــَريفِ كَــأَنَّهُ
حَقيقَـــةُ تَوحيــدٍ وَأَنــتَ صــَحابي
وَجَشــَّمتَ مَيــدانَ السِياسـَةِ فارِسـاً
وَكُــلُّ جَــوادٍ فـي السِياسـَةِ كـابي
وَكُنّـا وَنَمـرٌ فـي شـِغابٍ فَلَـم يَـزَل
بِنــا الـدَهرُ حَتّـى فَـضَّ كُـلَّ شـِغابِ
رَأى الثَـورَةَ الكُـبرى فَسـَلَّ يَراعَـهُ
لِتَحطيــــمِ أَغلالٍ وَفَــــكِّ رِقـــابِ
وَمــا الشـَرقُ إِلّا أُسـرَةٌ أَو عَشـيرَةٌ
تَلُــمُّ بَنيهــا عِنــدَ كُــلِّ مُصــابِ
ســَلامٌ عَلــى شـَيخِ الشـُيوخِ وَرَحمَـةٌ
تَحَــدَّرُ مِــن أَعطــافِ كُــلِّ ســَحابِ
وَرَفّــافُ رَيحــانٍ يَــروحُ وَيَغتَــدي
عَلــى طَيِّبــاتٍ فــي الخِلالِ رِطــابِ
وَذِكـرى وَإِن لَـم نَنـسَ عَهـدَكَ سـاعَةً
وَشــَوقٌ وَإِن لَــم نَفتَكِــر بِإِيــابِ
وَوَيـحَ السَوافي هَل عَرَضنَ عَلى البِلى
جَبينَــــكَ أَم ســــَتَّرنَهُ بِحِجـــابِ
وَهَــل صــُنَّ مـاءً كـانَ فيـهِ كَـأَنَّهُ
حَيــاءُ بَتــولٍ فــي الصـَلاةِ كَعـابِ
وَيـا لِحَيـاةٍ لَـم تَـدَع غَيـرَ سـائِلٍ
أَكـــانَت حَيـــاةً أَم خَلِيَّـــةَ دابِ
وَأَيــنَ يَــدٌ كـانَت وَكـانَ بَنانُهـا
يَراعَـــةَ وَشــيٍ أَو يَراعَــةَ غــابِ
وَلَهفـي عَلـى الأَخلاقِ فـي رُكـنِ هَيكَلٍ
بِبَطــنِ الثَـرى رَثِّ المَعـالِمِ خـابي
نَعيــشُ وَنَمضــي فــي عَـذابٍ كَلَـذَّةٍ
مِــنَ العَيــشِ أَو فـي لَـذَّةٍ كَعَـذابِ
ذَهَبنــا مِـنَ الأَحلامِ فـي كُـلِّ مَـذهَبٍ
فَلَمّــا اِنتَهَينــا فُســِّرَت بِــذَهابِ
وَكُــلُّ أَخــي عَيـشٍ وَإِن طـالَ عَيشـُهُ
تُــرابٌ لَعَمـرُ المَـوتِ وَاِبـنُ تُـرابِ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932