
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَرَأَيـتَ زَيـنَ العابِـدينَ مُجَهَّزاً
نَقَلـوهُ نَقـلَ الوَردِ مِن مِحرابِه
مِـن دارِ تَـوأَمِهِ وَصـِنوِ حَيـاتِهِ
وَالأَوَّلِ المَــألوفِ مِـن أَترابِـه
ساروا بِهِ مِن باطِلِ الدُنيا إِلى
بُحبوحَـةِ الحَـقِّ المُـبينِ وَغابِه
وَمَضـَوا بِـهِ لِسـَبيلِ آدَمَ قَبلَـهُ
وَمَصـايِرِ الأَقـوامِ مِـن أَعقـابِه
تَحنـو السـَماءُ عَلى زَكِيِّ سَريرِهِ
وَيَمَـسُّ جيـدَ الأَرضِ طيـبُ رِكـابِه
وَتَطيـبُ هـامُ الحامِلينَ وَراحُهُم
مِـن طيـبِ مَحمَلِـهِ وَطيـبِ ثِيابِه
وَكَــأَنَّ مِصــرَ بِجـانِبَيهِ رَبَـوَةٌ
آذارُ آذَنَهــا بِوَشــكِ ذَهــابِه
وَيَكـادُ مِـن طَرَبٍ لِعادَتِهِ النَدى
يَنســَلُّ لِلفُقَـراءِ مِـن أَثـوابِه
الطَيـبُ اِبـنُ الطَيِّـبينَ وَرُبَّمـا
نَضـَحَ الفَـتى فَأَبانَ عَن أَحسابِه
وَالمُـؤمِنُ المَعصـومُ فـي أَخلاقِهِ
مِــن كُـلِّ شـائِنَةٍ وَفـي آدابِـه
أَبَداً يَراهُ اللَهُ في غَلَسِ الدُجى
مِـن صـَحنِ مَسـجِدِهِ وَحَـولِ كِتابِه
وَيَـرى اليَتـامى لائِذيـنَ بِظِلِّـهِ
وَيَـرى الأَرامِـلَ يَعتَصـِمنَ بِبابِه
وَيَـراهُ قَد أَدّى الحُقوقَ جَميعَها
لَـم يَنـسَ مِنهـا غَيرَ حَقِّ شَبابِه
أَدّى مِـنَ المَعـروفِ حِصـَّةَ أَهلِـهِ
وَقَضـى مِـنَ الأَحسـابِ حَـقَّ صِحابِه
مَهـويشُ أَينَ أَبوك هَل ذَهَبوا بِهِ
لِـمَ لَـم يَعُـد أَيّانَ يَومُ إِيابِه
قَـد وَكَّـلَ اللَـهُ الكَريمَ وَعَينَهُ
بِـكِ فَاِحسـِبيهِ عَلى كَريمِ رِحابِه
وَدَعـى البُكـا يَكفيهِ ما حَمَّلتِهِ
مِـن دَمعِـكِ الشاكي وَمِن تَسكابِه
وَلَقَـد شـَرِبتِ بِحـادِثٍ يا طالَما
شـَرِبَت بَنـاتُ العـالَمينَ بِصابِه
كُــلُّ اِمـرِئٍ غـادٍ عَلـى عُـوّادِهِ
وَسـُؤالِهِم مـا حـالُهُ مـاذا بِه
وَالمَـرءُ في طَلَبِ الحَياةِ طَويلَةً
وَخُطـى المَنِيَّـةِ مِـن وَراءِ طِلابِه
فـي بِـرِّ عَمِّـكِ مـا يَقومُ مَكانَهُ
فــي عَطفِــهِ وَحَنـانِهِ وَدِعـابِه
إِسـكَندَرِيَّةُ كَيـفَ صـَبرُكِ عَن فَتىً
الصـَبرُ لَـم يُخلَـق لِمِثلِ مُصابِه
عَطِلَـت سـَماؤُكِ مِن بَريقِ سَحابِها
وَخَبـا فَضـاؤُكِ مِـن شُعاعِ شِهابِه
زَيـنُ الشـَبابِ قَضى وَلَم تَتَزَوَّدي
مِنــهُ وَلَــم تَتَمَتَّعـي بِقَرابِـه
قَـد نـابَ عَنكِ فَكانَ أَصدَقَ نائِبٍ
وَالشـَعبُ يَهوى الصِدقَ في نُوّابِه
أَعَلِمتِــهِ اِتَّخَـذَ الأَمانَـةَ مَـرَّةً
ســَبَباً يُبَلِّغُــهُ إِلــى آرابِـه
لَـو عـاشَ كـانَ مُـؤَمَّلاً لِمَواقِـفٍ
يَرجـو لَها الوادي كِرامَ شَبابِه
يَجلـو عَلـى الأَلبـابِ هِمَّةَ فِكرِهِ
وَيُنـاوِلُ الأَسـماعَ سـِحرَ خِطـابِه
وَيَفـــي كَدَيــدَنِهِ بِحَــقٍّ بِلادِهِ
وَيَفـي بِعَهـدِ المُسـلِمينَ كَدابِه
تَقــواكَ إِســماعيلُ كُـلُّ عَلاقَـةٍ
سـَيَبُتُّها الـدَهرُ العَضوضُ بِنابِه
إِنَّ الَّـذي ذُقـتَ العَشـِيَّةَ فَقـدَهُ
بِـتَّ اللَيـالي موجَعـاً لِعَـذابِه
فــارَقتَ صــِنوَكَ مَرَتَيـنِ فَلاقِـهِ
فـي عـالَمِ الذِكرى وَبَينَ شِعابِه
مِن عادَةِ الذِكرى تَرُدُّ مِنَ النَوى
مَـن لا يَـدَينِ لَنـا بِطَـيِّ غِيابِه
حُلُــمٌ كَـأَحلامِ الكَـرى وَسـِناتِهِ
مُســتَعذَبٌ فــي صـِدقِهِ وَكِـذابِه
اِسـكُب دُموعَـكَ لا أَقولُ اِستَبقِها
فَـأَخو الهَوى يَبكي عَلى أَحبابِه
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932