
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَجَــلٌ وَإِن طــالَ الزَمـانُ مُـوافي
أَخلـى يَـدَيكَ مِـنَ الخَليـلِ الوافي
داعٍ إِلـــى حَــقٍّ أَهــابَ بِخاشــِعٍ
لَبِــسَ النَـذيرَ عَلـى هُـدىً وَعَفـافِ
ذَهَـبَ الشـَبابُ فَلَـم يَكُـن رُزئي بِهِ
دونَ المُصـــــابِ بِصــــَفوَةِ الأُلّافِ
جَلَــلٌ مِــنَ الأَرزاءِ فــي أَمثـالِهِ
هِمَــمُ العَــزاءِ قَليلَــةُ الإِسـعافِ
خَفَّــت لَــهُ العَبَـراتُ وَهـيَ أَبِيَّـةٌ
فــي حادِثـاتِ الـدَهرِ غَيـرُ خِفـافِ
وَلِكُــلِّ مــا أَتلَفـتَ مِـن مُسـتَكرَمٍ
إِلّا مَــــــوَدّاتِ الرِجـــــالِ تَلافِ
مـا أَنـتِ يـا دُنيـا أَرُؤيـا نائِمٍ
أَم لَيــلُ عُــرسٍ أَم بِســاطُ ســُلافِ
نَعمـــاؤُكِ الرَيحـــانُ إِلّا أَنَّـــهُ
مَســـَّت حَواشـــيهِ نَقيــعَ زُعــافِ
مـا زِلـتُ أَصـحَبُ فيـكِ خُلقاً ثابِتاً
حَتّــى ظَفِــرتُ بِخُلقِــكِ المُتَنـافي
ذَهَـبَ الذَبيـحُ السـَمحُ مِثـلَ سـَمِيِّهِ
طُهـــرَ المُكَفَّــنِ طَيِّــبَ الأَلفــافِ
كَــم بــاتَ يَذبَـحُ صـَدرَهُ لِشـَكاتِهِ
أَتُــراهُ يَحســَبُها مِــنَ الأَضــيافِ
نَزَلَـت عَلـى سـَحرِ السـَماحِ وَنَحـرِهِ
وَتَقَلَّبَـــت فــي أَكــرَمِ الأَكنــافِ
لَجَّـت عَلـى الصـَدرِ الرَحيـبِ وَبَرَّحَت
بِالكـاظِمِ الغَيـظَ الصـَفوحِ العافي
مـا كـانَ أَقسـى قَلبَهـا مِـن عِلَّـةٍ
عَلِقَـــت بِـــأَرحَمِ حَبَّــةٍ وَشــَغافِ
قَلـبٌ لَـوِ اِنتَظَـمَ القُلـوبَ حَنـانُهُ
لَـم يَبـقَ قـاسٍ فـي الجَوانِحِ جافي
حَتّــى رَمــاهُ بِالمَنِيَّــةِ فَـاِنجَلَت
مَــن يَبتَلــي بِقَضــائِهِ وَيُعــافي
أَخَنـتَ عَلى الفَلَكِ المُدارِ فَلَم يَدُرِ
وَعَلـى العُبـابِ فَقَـرَّ فـي الرَجّـافِ
وَمَضـَت بِنـارِ العَبقَرِيَّـةِ لَـم تَـدَع
غَيــرَ الرَمــادِ وَدارِسـاتِ أَثـافي
حَمَلـوا عَلـى الأَكتـافِ نـورَ جَلالَـةٍ
يَــذَرُ العُيــونَ حَواســِدَ الأَكتـافِ
وَتَقَلَّـدوا النَعـشَ الكَريـمَ يَتيمَـةً
وَلَكَــم نُعـوشٍ فـي الرِقـابِ زِيـافِ
مُتَمايِــلَ الأَعــوادِ مِمّـا مَـسَّ مِـن
كَــرَمٍ وَمِمّــا ضــَمَّ مِــن أَعطــافِ
وَإِذا جَلالُ المَــــوتِ وافٍ ســـابِغٌ
وَإِذا جَلالُ العَبقَرِيَّــــةِ ضــــافي
وَيـحَ الشـَبابِ وَقَـد تَخَطَّـرَ بَينَهُـم
هَـــل مُتِّعـــوا بِتَمَســُّحٍ وَطَــوافِ
لَــو عــاشَ قُـدوَتُهُمُ وَرَبُّ لِـوائِهِم
نَكَـــسَ اللِــواءَ لِثــابِتٍ وَقّــافِ
فَلَكَــم ســَقاهُ الـوُدَّ حيـنَ وِدادُهُ
حَـــربٌ لِأَهــلِ الحُكــمِ وَالإِشــرافِ
لا يَــومَ لِلأَقــوامِ حَتّــى يَنهَضـوا
بِقَــوادِمٍ مِــن أَمســِهِم وَخَــوافي
لا يُعجِبَنَّــكَ مــا تَــرى مِـن قُبَّـةٍ
ضــَرَبوا عَلــى مَوتــاهُمُ وَطِــرافِ
هَجَمـوا عَلـى الحَـقِّ المُبينِ بِباطِلٍ
وَعَلــى ســَبيلِ القَصــدِ بِالإِسـرافِ
يَبنـونَ دارَ اللَـهِ كَيـفَ بَـدا لَهُم
غُرُفــاتِ مُــثرٍ أَو ســَقيفَةَ عـافي
وَيُـــزَوِّرونَ قُبـــورَهُم كَقُصــورِهُم
وَالأَرضُ تَضــحَكُ وَالرُفــاتُ السـافي
فُجِعَـت رُبـى الـوادي بِواحِدِ أَيكِها
وَتَجَرَّعَــت ثُكــلَ الغَـديرِ الصـافي
فَقَــدَت بَنانــاً كَـالرَبيعِ مُجيـدَةً
وَشــيَ الرِيــاضِ وَصــَنعَةَ الأَفـوافِ
إِن فــاتَهُ نَســَبُ الرَضــِيِّ فَرُبَّمـا
جَرَيـــا لِغايَــةِ ســُؤدُدٍ وَطِــرافِ
أَو كــانَ دونَ أَبـي الرَضـِيِّ أُبُـوَّةً
فَلَقَــد أَعــادَ بَيـانَ عَبـدِ مَنـافِ
شــَرَفُ العِصــامِيّينَ صـُنعُ نُفوسـِهِم
مَـن ذا يَقيـسُ بِهِـم بَنـي الأَشـرافِ
قُــل لِلمُشــيرِ إِلـى أَبيـهِ وَجَـدِّهِ
أَعَلِمـــتَ لِلقَمَرَيــنِ مِــن أَســلافِ
لَـو أَنَّ عُمرانـاً نِجـارُكَ لَـم تَسـُد
حَتّــى يُشــارَ إِلَيـكَ فـي الأَعـرافِ
قاضـي القُضـاةِ جَـرَت عَلَيـهِ قَضـِيَّةٌ
لِلمَــوتِ لَيـسَ لَهـا مِـنِ اِسـتِئنافِ
وَمُصــَرِّفُ الأَحكــامِ مَوكــولٌ إِلــى
حُكـمِ المَنِيَّـةِ مـا لَـهُ مِـن كـافي
وَمُنـــادِمُ الأَملاكِ تَحــتَ قِبــابِهِم
أَمســـى تُنـــادِمُهُ ذِئابُ فَيــافي
فـي مَنـزِلٍ دارَت عَلى الصيدِ العُلا
فيــهِ الرَحـى وَمَشـَت عَلـى الأَردافِ
وَأُزيـلَ مِـن حُسـنِ الوُجـوهِ وَعِزِّهـا
ماكــانَ يُعبَــدُ مِــن وَراءِ سـِجافِ
مِــن كُــلِّ لَمّـاحِ النَعيـمِ تَقَلَّبَـت
ديباجَتــاهُ عَلــى بِلــىً وَجَفــافِ
وَتَـرى الجَماجِمَ في التُرابِ تَماثَلَت
بَعــدَ العُقــولِ تَماثُــلَ الأَصـدافِ
وَتَــرى العُيـونَ القـاتِلاتِ بِنَظـرَةٍ
مَنهوبَـــةَ الأَجفـــانِ وَالأَســـيافِ
وَتُـراعُ مِـن ضـَحِكِ الثُغـورِ وَطالَما
فَتَنَـــت بِحُلـــوِ تَبَســُّمٍ وَهُتــافِ
غَــزَتِ القُـرونَ الـذاهِبينَ غَزالَـةٌ
دَمُهُــم بِذِمَّــةِ قَرنِهــا الرَعّــافِ
يَجري القَضاءُ بِها وَيَجري الدَهرُ عَن
يَــــدِها فَيــــا لِثَلاثَـــةٍ أَحلافِ
تَرمــي البَرِيَّـةَ بِـالحُبولِ وَتـارَةً
بِحَبـــائِلٍ مِــن خَيطِهــا وَكَفــافِ
نَســـَجَت ثَلاثَ عَمــائِمٍ وَاِســتَحدَثَت
أَكفــانَ مَــوتى مِـن ثِيـابِ زَفـافِ
أَأَبـا الحُسـَينِ تَحِيَّـةً لِثَـراكَ مِـن
روحٍ وَرَيحــــانٍ وَعَـــذبِ نِطـــافِ
وَســـَلامُ أَهـــلٍ وُلَّـــهٍ وَصــَحابَةٍ
حَســرى عَلــى تِلــكَ الخِلالِ لِهـافِ
هَــل فـي يَـدَيَّ سـِوى قَريـضٍ خالِـدٍ
أُزجيـــهِ بَيــنَ يَــدَيكَ لِلإِتحــافِ
مـا كـانَ أَكرَمَـهُ عَلَيـكَ فَهَـل تَرى
أَنّـــي بَعَثــتُ بِــأَكرَمِ الأَلطــافِ
هَـــذا هُــوَ الرَيحــانُ إِلّا أَنَّــهُ
نَفَحــاتُ تِلــكَ الرَوضـَةِ المِئنـافِ
وَالـــدُرُّ إِلّا أَنَّ مَهـــدَ يَـــتيمِهِ
بِـــالأَمسِ لُجَّــةُ بَحــرِكِ القَــذّافِ
أَيّــامَ أَمـرَحُ فـي غُبـارِكَ ناشـِئاً
نَهــجَ المِهـارِ عَلـى غُبـارِ خِصـافِ
أَتَعَلَّـمُ الغايـاتِ كَيـفَ تُـرامُ فـي
مِضــمارِ فَضــلٍ أَو مَجــالِ قَـوافي
يـا راكِـبَ الحَـدباءِ خَـلِّ زِمامَهـا
لَيـسَ السـَبيلُ عَلـى الدَليلِ بِخافي
دانَ المَطِــيَّ النــاسُ غَيـرَ مَطِيَّـةٍ
لِلحَــــقِّ لا عَجلـــى وَلا ميجـــافِ
لا فـي الجِيـادِ وَلا النِيـاقِ وَإِنَّما
خُلِقَـــت بِغَيــرِ حَــوافِرٍ وَخِفــافِ
تَنتـابُ بِالرُكبـانِ مَنزِلَـةَ الهُـدى
وَتَـــؤُمُّ دارَ الحَـــقِّ وَالإِنصـــافِ
قَــد بَلَّغَـت رَبَّ المَـدائِنِ وَاِنتَهَـت
حَيــثُ اِنتَهَيــتَ بِصــاحِبِ الأَحقـافِ
نَــم مِلـءَ جَفنِـكَ فَالغُـدُوُّ غَوافِـلٌ
عَمّــا يَروعُــكَ وَالعَشــِيُّ غَــوافي
فــي مَضــجَعٍ يَكفيـكَ مِـن حَسـَناتِهِ
أَن لَيــسَ جَنبُـكَ عَنـهُ بِالمُتَجـافي
وَاِضــحَك مِـنَ الأَقـدارِ غَيـرَ مُعَجَّـزٍ
فَــاليَومَ لَسـتَ لَهـا مِـنَ الأَهـدافِ
وَالمَـوتُ كُنـتَ تَخـافُهُ بِـكَ ظـافِراً
حَتّــى ظَفِــرتَ بِــهِ فَــدعهُ كَفـافِ
قُـل لـي بِسـابِقَةِ الـوِدادِ أَقاتِـلٌ
هُـوَ حيـنَ يَنـزِلُ بِـالفَتى أَم شافي
فـي الأَرضِ مـن أَبَوَيـكَ كِنـزا رَحمَةٍ
وَهَــوىً وَذَلِــكَ مِــن جِـوارٍ كـافي
وَبِهــا شــَبابُكَ وَاللِـداتُ بَكَيتُـهُ
وَبَكَيتُهُـــم بِالمَـــدمَعِ الــذَرّافِ
فَــاِذهَب كَمِصـباحِ السـَماءِ كِلاكُمـا
مــالَ النَهـارُ بِـهِ وَلَيـسَ بِطـافي
الشـَمسُ تُخلَـفُ بِـالنُجومِ وَأَنتَ بِال
آثــــارِ وَالأَخبـــارِ وَالأَوصـــافِ
غَلَـبَ الحَيـاةَ فَـتىً يَسـُدُّ مَكانَهـا
بِالــذِكرِ فَهـوَ لَهـا بَـديلٌ وافـي
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932