
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
المَشـــرِقانِ عَلَيـــكَ يَنتَحِبـــانِ
قاصــيهُما فــي مَــأتَمٍ وَالـداني
يــا خــادِمَ الإِسـلامِ أَجـرُ مُجاهِـدٍ
فـي اللَـهِ مِـن خُلـدٍ وَمِـن رِضـوانِ
لَمّـا نُعيـتَ إِلى الحِجازِ مَشى الأَسى
فــي الزائِريــنَ وَرُوِّعَ الحَرَمــانِ
الســِكَّةُ الكُــبرى حِيـالَ رُباهُمـا
مَنكوســـــَةُ الأَعلامِ وَالقُضــــبانِ
لَـم تَألُهـا عِنـدَ الشـَدائِدِ خِدمَـةً
فــي اللَـهِ وَالمُختـارِ وَالسـُلطانِ
يـا لَيـتَ مَكَّـةَ وَالمَدينَـةَ فازَتـا
فــي المَحفِلَيــنِ بِصـَوتِكَ الرَنّـانِ
لِيَـرى اَلأَواخِـرُ يَـومَ ذاكَ وَيَسمَعوا
مــا غــابَ مِـن قُـسٍّ وَمِـن سـَحبانِ
جـارَ التُـرابِ وَأَنـتَ أَكـرَمُ راحِـلٍ
مـاذا لَقيـتَ مِـنَ الوُجـودِ الفاني
أَبكـي صـِباكَ وَلا أُعـاتِبُ مَـن جَنـى
هَـــذا عَلَيــهِ كَرامَــةً لِلجــاني
يَتَســاءَلونَ أَبِالســُلالِ قَضــَيتَ أَم
بِــالقَلبِ أَم هَــل مُـتَّ بِالسـَرطانِ
اللَــهُ يَشــهَدُ أَنَّ مَوتَـكَ بِالحِجـا
وَالجِـــدِّ وَالإِقـــدامِ وَالعِرفــانِ
إِن كـــانَ لِلأَخلاقِ رُكـــنٌ قـــائِمٌ
فـي هَـذِهِ الـدُنيا فَـأَنتَ البـاني
بِـاللَهِ فَتِّـش عَـن فُؤادِكَ في الثَرى
هَــل فيــهِ آمــالٌ وَفيـهِ أَمـاني
وِجـدانُكَ الحَـيُّ المُقيمُ عَلى المَدى
وَلَـــرُبَّ حَـــيٍّ مَيـــتِ الوِجــدانِ
النـاسُ جـارٍ فـي الحَيـاةِ لِغايَـةٍ
وَمُضـــَلَّلٌ يَجـــري بِغَيــرِ عِنــانِ
وَالخُلـدُ فـي الـدُنيا وَلَيـسَ بِهَيِّنٍ
عُليـا المَراتِـبِ لَـم تُتَـح لِجَبـانِ
فَلَـو أَنَّ رُسـلَ اللَهِ قَد جَبَنوا لَما
مــاتوا عَلــى ديـنٍ مِـنَ الأَديـانِ
المَجــدُ وَالشـَرَفُ الرَفيـعُ صـَحيفَةٌ
جُعِلَـــت لَهــا الأَخلاقُ كَــالعُنوانِ
وَأَحَــبُّ مِــن طـولِ الحَيـاةِ بِذِلَّـةٍ
قِصـــَرٌ يُريــكَ تَقاصــُرَ الأَقــرانِ
دَقّــاتُ قَلــبِ المَـرءِ قائِلَـةٌ لَـهُ
إِنَّ الحَيـــاةَ دَقـــائِقٌ وَثَــواني
فَـاِرفَع لِنَفسـِكَ بَعـدَ مَوتِـكَ ذِكرَها
فَالــذِكرُ لِلإِنســانِ عُمــرٌ ثــاني
لِلمَـرءِ فـي الـدُنيا وَجَـمِّ شُؤونِها
مــا شـاءَ مِـن رِبـحٍ وَمِـن خُسـرانِ
فَهــيَ القَضــاءُ لِراغِــبٍ مُتَصــَلِّعٍ
وَهــيَ المَضــيقُ لِمُـؤثِرِ السـُلوانِ
النــاسُ غـادٍ فـي الشـَقاءِ وَرائِحٌ
يَشـقى لَـهُ الرُحَمـاءُ وَهـوَ الهاني
وَمُنَعَّـــمٌ لَـــم يَلـــقَ إِلّا لَــذَّةً
فــي طَيِّهــا شــَجَنٌ مِــنَ الأَشـجانِ
فَاِصـبِر عَلـى نُعمى الحَياةِ وَبُؤسِها
نُعمــى الحَيــاةِ وَبُؤســِها سـِيّانِ
يـا طـاهِرَ الغَدَواتِ وَالرَوحاتِ وَال
خَطَـــــراتِ وَالإِســـــرارِ وَالإِعلانِ
هَـل قـامَ قَبلَـكَ في المَدائِنِ فاتِحٌ
غـــازٍ بِغَيـــرِ مُهَنَّـــدٍ وَســِنانِ
يَـدعو إِلـى العِلـمِ الشَريفِ وَعِندَهُ
أَنَّ العُلـــومَ دَعــائِمُ العُمــرانِ
لَفّــوكَ فــي عَلَــمِ البِلادِ مُنَكَّسـاً
جَــزِعَ الهِلالُ عَلـى فَـتى الفِتيـانِ
مـا اِحمَـرَّ مِـن خَجَـلٍ وَلا مِـن ريبَةٍ
لَكِنَّمـــا يَبكـــي بِــدَمعٍ قــاني
يُزجونَ نَعشَكَ في السَناءِ وَفي السَنا
فَكَأَنَّمــا فــي نَعشــِكَ القَمَــرانِ
وَكَــأَنَّهُ نَعــشُ الحُســَينِ بِكَـربُلا
يَختــالُ بَيــنَ بُكـاً وَبَيـنَ حَنـانِ
فــي ذِمَّــةِ اللَـهِ الكَريـمِ وَبِـرِّهِ
مــا ضــَمَّ مِـن عُـرفٍ وَمِـن إِحسـانِ
وَمَشــى جَلالُ المَــوتِ وَهـوَ حَقيقَـةٌ
وَجَلالُـــكَ المَصـــدوقُ يَلتَقِيـــانِ
شــَقَّت لِمَنظَــرِكَ الجُيــوبَ عَقـائِلٌ
وَبَكَتــكَ بِالـدَمعِ الهَتـونِ غَـواني
وَالخَلــقُ حَولَـكَ خاشـِعونَ كَعَهـدِهِم
إِذ يُنصـــِتونَ لِخُطبَـــةٍ وَبَيـــانِ
يَتَســاءَلونَ بِــأَيِّ قَلــبٍ تُرتَقــى
بَعــدَ المَنــابِرِ أَم بِــأَيِّ لِسـانِ
لَـــو أَنَّ أَوطانــاً تُصــَوَّرُ هَيكَلاً
دَفَنــوكَ بَيــنَ جَوانِــحِ الأَوطــانِ
أَو كـانَ يُحمَـلُ فـي الجَـوارِحِ مَيِّتٌ
حَمَلــوكَ فــي الأَســماعِ وَالأَجفـانِ
أَو صـيعَ مِـن غُـرِّ الفَضائِلِ وَالعُلا
كَفَـــنٌ لَبِســتَ أَحاســِنَ الأَكفــانِ
أَو كــانَ لِلــذِكرِ الحَكيـمِ بَقِيَّـةٌ
لَـم تَـأتِ بَعـدُ رُثيـتَ فـي القُرآنِ
وَلَقَـد نَظَرتُـكَ وَالـرَدى بِـكَ مُحـدِقٌ
وَالــداءُ مِلــءُ مَعـالِمِ الجُثمـانِ
يَبغــي وَيَطغــى وَالطَــبيبُ مُضـَلَّلٌ
قَنِــطٌ وَســاعاتُ الرَحيــلِ دَوانـي
وَنَــواظِرُ العُــوّادِ عَنـكَ أَمالَهـا
دَمـــعٌ تُعالِــجُ كَتمَــهُ وَتُعــاني
تُملــي وَتَكتُــبُ وَالمَشــاغِلُ جَمَّـةٌ
وَيَــداكَ فــي القِرطـاسِ تَرتَجِفـانِ
فَهَشَشــتَ لــي حَتّـى كَأَنَّـكَ عـائِدي
وَأَنـا الَّـذي هَـدَّ السـَقامُ كِيـاني
وَرَأَيـتُ كَيـفَ تَمـوتُ آسـادُ الشـَرى
وَعَرَفــتُ كَيــفَ مَصــارِعُ الشـُجعانِ
وَوَجَـدتُ فـي ذاكَ الخَيـالِ عَزائِمـاً
مـــا لِلمَنـــونِ بِــدَكِّهِنَّ يَــدانِ
وَجَعَلــتَ تَسـأَلُني الرِثـاءَ فَهـاكَهُ
مِــن أَدمُعــي وَســَرائِري وَجِنـاني
لَــولا مُغالَبَــةُ الشـُجونِ لِخـاطِري
لَنَظَمــتُ فيــكَ يَتيمَــةَ الأَزمــانِ
وَأَنـا الَّذي أَرثي الشُموسَ إِذا هَوَت
فَتَعــودُ ســيرَتَها إِلـى الـدَوَرانِ
قَـد كُنـتَ تَهتُفُ في الوَرى بِقَصائِدي
وَتُجِــلُّ فَــوقَ النَيِّــراتِ مَكــاني
مــاذا دَهـاني يَـومَ بِنـتَ فَعَقَّنـي
فيــكَ القَريــضُ وَخـانَني إِمكـاني
هَـــوِّن عَلَيــكَ فَلا شــَماتَ بِمَيّــتٍ
إِنَّ المَنِيَّـــةَ غايَـــةُ الإِنســـانِ
مَــن لِلحَســودِ بِمَيتَــةٍ بُلِّغتَهــا
عَـــزَّت عَلــى كِســرى أَنوشــِروانِ
عـوقِبتَ مِـن حَـرَبِ الحَيـاةِ وَحَربِها
فَهَـل اِسـتَرَحتَ أَمِ اِسـتَراحَ الشاني
يـا صـَبَّ مِصـرَ وَيـا شـَهيدَ غَرامِها
هَــذا ثَــرى مِصــرَ فَنَــم بِأَمـانِ
اِخلَــع عَلـى مِصـرٍ شـَبابَكَ عالِيـاً
وَاِلبِــس شـَبابَ الحـورِ وَالوِلـدانِ
فَلَعَــلَّ مِصـراً مِـن شـَبابِكَ تَرتَـدي
مَجــداً تَـتيهُ بِـهِ عَلـى البُلـدانِ
فَلَــوَ اَنَّ بِـالهَرَمَينِ مِـن عَزَمـاتِهِ
بَعــضَ المَضــاءِ تَحَــرَّكَ الهَرَمـانِ
عَلَّمــتَ شــُبّانَ المَـدائِنِ وَالقُـرى
كَيـفَ الحَيـاةُ تَكـونُ فـي الشـُبّانِ
مِصــرُ الأَســيفَةُ ريفُهـا وَصـَعيدُها
قَــبرٌ أَبَــرُّ عَلــى عِظامِـكَ حـاني
أَقسـَمتُ أَنَّـكَ فـي التُـرابِ طَهـارَةٌ
مَلَــكٌ يَهــابُ ســُؤالَهُ المَلَكــانِ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932