
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـا بـال قصـر الشـمع لا يضـاءُ
هــبّ علــى مصــباحه القضــاءُ
لا فتيــة الرومـان فـي بروجـه
ولا غـــوانيهمْ علـــى مروجــه
ولا الليـــالي حــوله أعــراس
وفــــوقه وتحتــــه أحـــراس
ومـا لبـابليون مـن بعد العجم
أمسـت رجامـاً فـي نواحيه الأجم
وأيــن فــي أفقيهمــا فسـطاط
للنجــم عــن ســدّته انحطــاط
قــد ألقيــا اليـه بالمقالـد
وخرجـــا مــن طــارف وتالــد
ســـرداقٌ ينفـــذ حكــم ربّــه
مــن منبـع النيـل الـى مصـبّه
أوى الـــى أطنــابه اليمــامُ
لأنهـــا الرحمـــة والغمـــامُ
و أمــن الأعــزل فيـه الشـاكي
وحــذر المشــكو صـوت الشـاكي
خفّــتْ بــه القبــاب والخيـام
وســــالمت ضـــاربه الأيـــام
لــم يبــق مـن ذلـك إلا مسـجدُ
عـال علـى بـاع الخطـوب منجـد
كالكعبــة الرفيعــة الــدعام
مــا حـجّ إلا مـرة فـي العـام
إن كـان لـم يعـلُ علـو الهيكل
وليـــس بـــالملوّن المشـــكّل
لقــــد تـــردى حُلـــلَ الجلال
بالبـــانيين الحـــق والحلال
أميـــر كـــلّ هيكــل ومعبــد
فاتهمـــا بالســؤدد المؤبــد
نســّىَ الــديانات بمصـر قبلـه
و لايـــزال للقلـــوب قِبْلـــه
إســــلامه وخالـــدا فـــي آن
حــلّ علــى الشــّرك بــه رزآن
الســيف والـرأي بيـوم أجمعـا
و أســتأذنا علــى محمـد معـا
فــانقلب الحــق بهـذا فَـرْددا
وعــاد هــذا بالهــدى مسـدّدا
بالفـــاتحين بشـــّر الإســـلام
واســــتقبلت آمالهـــا الأعلام
كلاهمــا كــان رضــى النبـوّة
لـــم تشـــكُ كلّـــهُ ولانُبُــوّهْ
وبـاز مـن صـاد وسـهم مـن رمى
مـن الهـداة الراشـدين الكرما
مـا ضـرّ عمـراً منضـج الهـواجر
إن كـان لـم ينصـر ولـم يهاجر
كــم هجــر النـوم أبـو محمـد
واكتحــل العـثير بعـد الاثمـد
عمـرو القنـا والـرأي والجدود
رمـى بـه الفـاروق فـي الحدود
علــى فلســطين حمـى الرايـات
وحمــل الخيــل علـى الغايـات
إذا المضــيق لــم يجـد مضـاء
للســـيف قــام رأيــه فضــاء
حــتى حــوى لعمــر الإقليمــا
وحـــاز للإســـلام أورشـــليما
فتـــح تـــولى صــكّه الإمــام
وأخـــذ الميثـــاق والزمــام
يـا صـخرة اللـه اشهدي أن عُمَرْ
أبـر مـن نهـى وأوفـى مـن أمر
ســما الــى مصـر بطـرفٍ وطمـح
ولــم يــزل بعُمَــرٍ حـتى سـمح
وجهــــه فهــــبّ والغــــزاةَ
كمــا أطــار الصــُيِّدُ الـبزاةَ
يطــوي بهــم طابخـة الركـائب
آكلـــة البعـــوث والكتــائب
أنعــاكِ أم أسـقيكِ مـن بيـداءَ
كـــــانت دواء أبــــداً وداءَ
مـاذا دهـى مصـر مـن الطـواري
ولقيـــت مــن ذلــك الجــوار
كـــم رعتِهــا بــداهم جــرّاف
وآفــة الجســم مــن الأطــراف
وربّ جلاّد علـــــــــــــى جلاّد
ســـلّطت ويليـــن علــى البلاد
كـم عصـفت منـك السوافي الهوج
وهبّـــت الحاصـــبة الســيهوج
وكــــم بعثـــت بالمبشـــرات
علــى مــوات الحــق منشــرات
وكنـــت إن أســـلت رائدينــا
طــويت دينــا ونشــرت دينــا
شــرّفت بالعــذراء والمهــاجر
وبالخليـــل آيبـــا بهـــاجر
وســـيق فيــك يوســف جليبــا
فلقــى التمليــك والتغليبــا
ووطئت بســـــاطك الأســــباط
وانتظـــم الشــمل والاغتبــاط
وحُــزت موســى جــائلا وجائبـا
يســتقبل الآيــات و العجائبـا
ومصــــبحا بقفـــرة ومجهـــل
وممســــيا بربـــوة ومنهـــل
وطالعـــا مخـــارم الجبـــال
و قــابس النـور علـى الأقبـال
ترمين أرض النيل عن قوس الفلك
يومــا بشــيطان ويومـا بملـك
تهــدين نــورا تــارة ونـارا
والطــامس المنـار و المنـارا
حــتى مشــت كتيبــة الحـواري
عليـــك كـــالأنوار والأنــوار
ومـا النجوم الزّهر حُفَّتْ بالقمر
أروع مـن عمـروٍ علـى خيل عمر
ولا قنــا الأسـباط حـول يوشـعا
أعــفّ مــن قناهمــا وأخشــعا
كتيبــــةٌ قليلـــة العديـــد
كـــثيرة بـــدينها الجديـــد
طــوتْ الـى مصـر القفـار طيّـا
وركبــــتْ رياحهــــا مطيـــا
فبلــغ العُمْــرانَ عمـرو فرمـى
بجمعـه الـروم حيـال الفرَمـا
تســـلقوا حصـــونها تســـلقا
واقتحمـوا مـا ردهـا والأبلقا
واخـترقوا التخـوم و الحـدودا
ســبحان مــن يـداول الجـدودا
وروودتْ بلــبيس حــتى أذعنــتْ
وركبــت بالمســلمين إذ عنــتْ
ترجّــل الحمــاةُ عــن حصـونها
ونــزل الأبــاةُ عــن مصــونها
وظلّــت الخيــل تجـوب الـوادي
أنـدى علـى الريـف من الغوادي
يســـير فـــي رخائهــا الملاّحُ
ولا يحـــــسّ وطأهـــــا الفلاّحُ
حــتى بــدت منــازل الرومـان
ســـاهرة الخطّـــيّ واليمــاني
فــي حضــن حصـن أو ذرا لـواء
بعيــدَي المصـعد فـي الجـواء
فنزلـــوا ســواد عيــن شــمس
وســــادُهم رحـــالُهم كـــأمس
وجثمـــوا إلا عيونــا ســاميهْ
تجــسّ حصــناً أو تجـوس حـاميهْ
فخـــرج الرومـــان للقتــال
فـــي جحفـــل مدجــجٍ مختــال
رحــى الــوغى بمثلــه تــدور
وقطبهــا فــي قلبــه تيــدور
ليـس لعمـرو مـا لـه مـن كثرهْ
وخــــوذةٍ وشــــكةٍ ونــــثرهْ
فأقعــد الغـازي لـه الكمينـا
وأخـــذ الشـــمال واليمينــا
يـــوم عليـــه بنيــتْ أيــام
لأمــــةٍ جــــدودُها قيـــام
مـن يصـطبر للصـدمة الأولى يسدْ
لا يصـلح الفَل ّ ولو كانوا الأسدْ
ببــاب أليـون تيـودور اعتصـمْ
فيمـن وهـىَ مـن الصفوف وانفصمْ
وجيـــء بالأمـــداد والســواد
مـن شـحنة الـروم وقبط الوادي
وظــن أن الحصـن معجـز العـربْ
فمـا لهـم غيـر النكـوص مضطرب
فـــإن أبــوا أدّبهــم بيــوم
مـــا بعــده قائمــةٌ للقــوم
فــــوردتْ كتيبـــة الزّبيـــر
وعُمَـــرٌ مصـــدرُ كـــلّ خيـــر
وظـــل بــابليون وهــو عــاص
علـى الزبيـر وعلـى ابن العاص
حــتى تســوّر الزبيــر ســوره
واعــتزّ فــي وكونهــا نسـوره
مشــى علــى ناقوســه مكــبرا
يـا لـك ناقوسـاً أحيـل منـبرا
أوفـى علـى القـوم فريع البرجُ
بفـــارس لــه الســماء ســرجُ
صـوتٌ هفـا فـي الحصن بالعزائم
كنبــأةٍ فــي جـوف أيـكٍ نـائم
فضــاع رشــد الـروم والصـواب
وفتحــت مــن نفســها الأبـواب
تبــارك اللــه وجلّــت العـربْ
لـم يثنهـم جـوّ ولـم يعـقْ سرَبْ
مــن فتــح بلـبيس لعيـن شـمس
لا يصــبح الضــيغم حيـث يمسـي
وركـب العلـج العصـا بمـن معهْ
إلا قليلا غـودروا فـي المعمعـهْ
يبغــي دمنهــور بهـم فجاءهـا
فــي مـدد قـد ملئوا أرجاءهـا
وإذ علــى آثـاره خيـل العـرب
وخيلــه مــن هــرب إلـى هـربْ
بعــد قتـال جـال فيـه الـروم
وطـــاح أبطـــالهمو القــروم
وانــدفعت خيــل الإمـام تعـدو
يقـدمها اليمـن ويحـدو السـعدُ
حـتى بـدا الثغـر فـودّت قُبْلـة
كمـا اشـتهى العبسـيّ ثغر عبله
و رابطـــت فجـــرّت الأرســانا
و التفتــت تعــاتب الفرسـانا
وطيـــف بـــالثغر فلا ثنيّـــهْ
إلا عليهـــا رصـــدُ المنيّـــه
فكيــف لا يــودي برشـدِ قيصـرا
أو بصــواب قــومه أن تحصــرا
أقـــامهمْ ســـقوطها وأقعــدا
وزعمــوه فــوق طاقــة العـدا
وكــان فــي الإسـكندرية الملا
أملــك فــي ســلطانهم وأكملا
جمــوعهم فــي سـاحها بلا عـددْ
والبحـر يغـدو ويـروح بالمـدد
ومـن أصـاب البحـر فـي سلطانه
عــدّ جميـع الأرض مـن أوطـانه
تقضــــّت الأيـــام والشـــهور
والسـيف فـي غيـر وغـى مشـهور
يفــترّ عــن لألائه فــم الجُمَـعْ
وتحتهــا للثغــر خــوفٌ وطمـعْ
وربّـــه يســـتنزل الرومانــا
ويعـــرض الإصـــلاح و الأمانــا
حـــتى أعيـــن رجــل الإمــام
برجـــل القياصـــر الهمـــام
وفتحـــت مدينـــة الإســـكندر
صــلحا وصــفوا ليـس بالمكـدر
تــأخر الســيف وشـارط النـدى
يـا غبـن مـن يشـارط المهنـدا
فقيـل راعـى المسـلمين الوالي
وكــان فـي السـرّ لهـم يـوالي
وقيـــل بــل ذو مــأرب أرادا
بســـلطة الكنيســة انفــرادا
وكـان فـي فـروق سـلطان البيع
تعنـوا له في سائر الأرض الشّيع
حكــم جفــاه الاعتــدال وقسـا
إنـي أراهـم ظلمـوا المقوقسـا
لعلــــه تـــبين الحقائقـــا
وذاد عـــن مصــر بلاء حائقــا
ووجــد الرومــان و القياصـرا
لا يملكــون فــي البلاد ناصـرا
يرونهــا العنــف والاسـتكبارا
و لا تحـــب الأمـــم الجبــارا
ممـا مضـى الـدهر عليـه والأول
أن النجــاح لفتيّــات الــدّول
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932