
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تهـادَتْ قُبَيْـلَ الصـُبْحِ والركْـبُ نُوَّمُ
ونجْــمُ الــدُجَى بــالأفْقِ لا يتلـوّمُ
فما الشُهْبُ في نهرِ النّهارِ وقد جرَتْ
لموْرِدِهــا إلا القَطــا وهْــيَ حُـوَّمُ
تفتّـحَ زَهْـرُ الزُّهْـرِ فـي روضِ أفْقِها
فمُــدّ ليَجْنيهـا مـنَ الفجْـرِ مِعْصـَمُ
كـأنّ الـدُجى والفجْـرُ تحـت ذُيـولِه
مُحجَّــلُ أطْــرافِ القــوائِمِ أدْهَــمُ
ولمّـا تهـاوَتْ شـُهْبُهُ أوضـحَ السـُّرى
سـَنا الفجْـرِ حيـثُ الرّكْـبُ سرٌّ مُكتَّمُ
يَلـــوحُ ويخْفَـــى تــارةً فكــأنّهُ
وقــد حـلّ صـدْرَ البيـدِ ظـنٌّ مُرجَّـمُ
لَئِنْ غـارَ نجْـمُ الأفْـقِ أو غابَ نُورُه
فقــدْ طلعَــتْ للأوْجُـهِ الغُـرِّ أنْجُـمُ
فَيـا صـاحبَيْ نجْـوايَ هـل لـيَ مُنْجِدٌ
وسـلْطانُ وجْـدي فـي الفُـؤادِ مُحكَّـمُ
رَعـى اللـهُ قلبـاً قلّبَتْهُ يدُ النّوى
لــهُ بيــنَ هاتيـكَ القِبـابِ تَلَـوُّمُ
يَطيــرُ خُفوفــاً نحْوَهــا فيُميلُــهُ
هــوىً فـي خيـامِ الظّـاعِنينَ مخيِّـمُ
أيَخْفَــى جـوىً قـد ضـُمِّنتْهُ جـوانِحي
ودمْــعُ جُفـوني عـن ضـميري مُـترْجِمُ
كـأنّ الحِمـى لمّـا اسـتهلّتْ مدامِعي
كمــيٌّ علــى أعْطـافِهِ يقطُـرُ الـدَّمُ
فأُرْســِلُ منـه كلّمـا أخْلَـفَ الحَيـا
سـَحاباً يفـوقُ الغيـثَ والغيثُ مُسْجَمُ
وآثـارُ وقْـعِ الـدّمْعِ فـي عرَصـاتِها
يوَشـــّي رُبــى أطْلالِهــا ويُنَمْنِــمُ
وكــم صــادِرٍ قـادَتْهُ نغْمَـةُ صـادِحٍ
فَمـــا عــادَ إلا والخلِــيُّ مُــتيَّمُ
خَليلــيَّ إنّــي كلّمــا هِمْتُمـا بـهِ
لأعْجَــبُ أن يُشـْجي الفَصـيحَيْن أعجَـمُ
وركْــبٍ مُفَــدّىً بــالنّفوسِ أمـالَهُمْ
حــثيثُ سـُراهُمْ لا الرّحيـقُ المفَـدَّمُ
تحمَّــل مــن أهْـلِ العـزائِمِ أُسـْرَةً
فمُنْهِـــدُ جيــشٍ للغِــوارِ ومُقْــدِمُ
يجُـرُّ القَنـا مـن خلفِـهِ فيُـرَى لَها
علـى الرّمْـلِ خـطٌّ بـالحوافِرِ مُعْجَـمُ
تَلــوحُ ويُخْفيهــا مُثــارُ عَجاجِهـا
كمـا انسـابَ فـي خُضْرِ الأباطحِ أرْقَمُ
فهـلْ مُنْجِـدٌ بالصـّبْرِ والرّكْـبُ مُنْجِدٌ
كمـا شـاءَهُ العـزْمُ الحَـثيثُ ومُتْهِمُ
إذا اسْتَقْبَلَ الحادي المَطايا مُرَجِّعاً
فمـا الرّوْضُ أو ما الطّائِرُ المترَنِّمُ
يـــردّذُ ذِكْراهُــمْ ســُروراً كــأنّهُ
بــذلكَ ينْعَــى مَــن أقـامَ ويَنْعَـمُ
أرى الدّهْرَ بينَ الأخْذِ والتّرْكِ للسُّرى
يُصــرِّحُ لــي مــن بعْـدِهِمْ ويُجَمْجِـمُ
ويَلقـى هَـوى نفْسـي جُنـودَ عزائِمـي
فيهْــزأُ بـي طـوْعَ المُقـامِ ويهْـزِمُ
وإنَّ الـذي ألْغَـى السـُّرى وهْوَ قادِرٌ
لمُغْـرىً بمـا لا ينفَـعُ المـرْءَ مُغْرَمُ
تُقيّـــدُهُ أوْزارُهُ ولـــوِ اهْتَـــدى
لَسـارَ كمـا يسـْري الجـوادُ المطهَّمُ
وتمْنَعُـــهُ أعْمــالُهُ ولــو اتّقــى
مضـَى مثلَمـا يمْضـي الحُسامُ المُصمّمُ
أحُجّــاجَ بيـتِ اللـهِ فزْتُـمْ بـزوْرَةٍ
حبـاكُمْ بهـا طـوْعَ السـّعادَةِ موسـِمُ
وقـد وُجّهَـتْ فيـه إلـى اللـهِ أوجُهٌ
يَلــوحُ علَيْهــا للكَرامــةِ مِيســَمُ
رحَلْتُـــمْ ومَــنْ خلّفْتُمــوهُ لغَيِّــهِ
مُهَـــوِّنُ ريْــبِ الحادثــاتِ مُهَــوّمُ
فيـا لَيْتَنـي مـا كُنْـتُ ممّنْ تخلّفوا
وعـاجوا عنِ القَصْدِ الحميدِ وأحْجَموا
أقامُوا وقد سِرتُمْ فَما الرّأيُ بعْدَكُمْ
رَشــيدٌ ولا العــزْمُ المؤمَّـلُ مُبْـرَمُ
لقــد عرّفَتْكُــمْ فضــلَها عَرَفــاتُهُ
وضــمّكُمُ الــبيتُ العَــتيقُ وزَمْـزَمُ
وألفَيْتُــمُ شـتّى الأمـانيِّ فـي مِنـىً
وعنـدَ وجـودِ المـاءِ يُلغَـى التيمُّمُ
فبُشـْرى لمَـنْ قـد حـلّ فيـهِ مـؤمِّلاً
مــواهِبَ رُحْمــاهُ وهَيْهــاتَ يُحْــرَمُ
وشـقَّ جُيـوبَ الصـّبْرِ شوقاً إلى الذي
لـهُ انشـقّ بـدْرُ الأفْـقِ وهْـوَ مُتَمَّـمُ
وزارَ فِنـــاءً للفَنـــاءِ بطَيْبَـــةٍ
فكـانَ لـهُ فيهـا علـى اللـهِ مَقْدَمُ
ومَـنْ شـاقَهُ حـادي الرّكـائِبِ كُلّمـا
تقـــدَّمَها يحْــدو بهــا ويُهَيْنِــمُ
بِـداراً لمثْـوى خيْـرِ مَنْ وطِئَ الثّرَى
فركْـبُ السـُّرَى قصـْدَ الحِجـازِ مُيمِّـمُ
فلــوْلا حُلــولٌ بيْــنَ قبْـرٍ ومنْبَـرٍ
لمـــا رابَ تـــأخيرٌ وراقَ تقــدُّمُ
فللــهِ مـا أهـداكَ مـن أُحُـدٍ وقـد
ترفّـــعَ منـــهُ للهِدايــةِ معْلَــمُ
مَشـاهِدُ قـد شـاهَدْتَ منهـا مَعاهِـداً
يُجــدّدُ ذِكْــراً عهْــدُها المُتقــدّمُ
تـراءتْ فمـا نـورُ التّباشـيرِ خامِدٌ
ولا أوْجُــهُ البُشــْرى بهــا تتجهّـمُ
فمـــا حلَّهـــا إلا بـــه متوســِّلٌ
إلــى اللـهِ فـي أرْجائِهـا متوسـِّمُ
وصــرّحَ بالشــكْوى فَنــوديَ ســامعٌ
إجـــابَتُهُ حتْـــمٌ وأُمِّـــلَ مُنْعِــمُ
فرافِـــعُ طـــرْفٍ دونَهــا متضــرّعٌ
وباســـِطُ كـــفٍّ عنـــدَها متظلِّــمُ
جُــوارُك يــا خيْـرَ البريّـةِ مـأمَنٌ
ومعْتَصــَمٌ مِـنْ فـادِحِ الخطْـبِ يَعْصـِمُ
ثَــرىً قـد هـدَى للرُشـْدِ كـلَّ مضـلَّلٍ
وأثْــرى بـه طـوْعَ السـّعادةِ مُعْـدِمُ
محـــطٌّ لأوْزارِ العُفـــاةِ ومرْحَـــلٌ
وقصــــْدٌ لطُلابِ الرّضـــى ومُيمَّـــمُ
ألا يــا رَسـولَ اللـهِ دعْـوةَ نـازِحٍ
لـهُ فـي النّـوى والقُـرْبِ فكْرٌ مُقسَّمُ
يــراكَ بمكْنــونِ الضــّميرِ فقلْبُـهُ
عليــكَ ومــا حـلّ المنـازلَ يَقْـدُمُ
أنـا المـذْنِبُ الجـاني وأنتَ شَفيعُهُ
ومثلُــك مَــنْ يُرْجـى ومثْلـيَ يُرْجَـمُ
بماذا عَسى أثني على المُصطَفى الذي
أتـى فيـه نـصُّ الذِّكْرِ والذِّكْرُ مُحْكَمُ
وفـائدةِ الأكـوانِ يقضـي ابتـداؤها
بــأنّ بــه الـوحْيَ المنـزَّلَ يُخْتَـمُ
وأهْــدى مــن الآيــاتِ كُـلَّ عجيبـةٍ
هـدَتْ لسـَبيل الرُّشـْدِ والرُّشـدُ مبْهَمُ
تُنيــرُ فيعْلـو الخـافقينَ منارُهـا
ويجْلـو سـَناها الخَطْبَ والخطْبُ مُظْلِمُ
فمَـن ذا يعـدُّ الشـُّهْبَ والعـدُّ معْجِزٌ
ومـن ذا يـرومُ البحْرَ والبحْرُ مُفْعَمُ
كريـمٌ قضـى حُبّـي لـهُ بعْـدَما جنَـتْ
يَـدي أنّنـي فـي جنّـةِ الخُلْـدِ مُكْرَمُ
فمــا لـي إذا لاقَيْـتُ ربّـي وسـيلةٌ
ســوى أنّنــي أرْجــو وأنّـيَ مُسـْلِمُ
ومـا ضـاقَ عفْـوُ اللهِ عن مُذْنِبٍ وإنْ
تعـاظَم منـه الـذّنْبُ فـالعَفْوُ أعْظَمُ
أيـا رب إنّ العَبْـدَ بالبـابِ واقِـفٌ
يخــافُ ويرْجـو فهْـوَ يـدْنو ويُحْجِـمُ
يفكِّـرُ فـي الرُّجعى إلى الله نادِماً
فيــوْمَ التّنـادي لا يُفيـدُ التنـدُّمُ
ومُجْــري جيــادٍ للبطالـةِ هـل لـهُ
مُجيـرٌ غَـداً مـن نـارِه وهْـو مُجْـرِمُ
ألا عطْفــةٌ نحــوَ المَتــابِ لعلّهـا
تؤكّــدُ أســْبابَ النّجــاةِ وتُبْــرِمُ
فأُصــبِحُ مـن قـومٍ أنـابوا لربّهـمْ
فـأجْرَوا دماً في دمعِهِمْ حينَ أجْرَموا
وأُكْتَـبُ مـن قـومٍ إلى الله أسْلَموا
وجـوهَهُمُ طوْعـاً وفـي الأمْـرِ سـلّموا
لعلّــيَ أحْظــى بالجِنــانِ كرامــةً
وقــد ردّدَتْ هــل مـن مزيـدٍ جهنَّـمُ
فَيــا أيّهـا المغـرورُ إنّـكَ قـادِمٌ
علـــى عمـــلٍ قــدّمْتَهُ أو تُقَــدِّمُ
أيــا عجَبـاً للمـرْءِ يفْـرَحُ بالـذي
ألـــمَّ مــنَ الــدُنْيا ولا يتــألّمُ
إذا أنـتَ لـم تـوثِرْ هـواكَ تجلُّـداً
فصــبْرُكَ أقــوى والطّريقــةُ أقْـوَمُ
أتَرْكَــنُ للــدُنيا وأنــت بفِعْلِهـا
خـبيرٌ لِـبيسَ المـرْءُ مَـن ليسَ يحْزَمُ
أتَغْتَــرُّ أن أهْــدَتْكَ زهـرَةَ حُسـْنِها
مـتى لـذّ يومـاً شـهدُها وهْـو علْقَمُ
تُفيــدُك علمــاً بالتّجــارِبِ كلّمـا
تحــطّ وتُعْلـي وهْـي بالحـالِ تُعْلِـمُ
تولّيــكَ إن واليْتَهــا خُطّـةَ الأسـى
فحتّـــى مــتى تصــْغي ولا تتعلّــمُ
إذا نفــذَ المقــدورُ أُصـْمِتَ كـاهِنٌ
ورُدَّ بـــهِ عمّـــا ادّعــاهُ منجِّــمُ
أمِـنْ بعـدِ مـا لاحَ المشـيبُ بلمَّـتي
صــَباحاً هَـداني ليلُـهُ وهْـوَ مُظلِـمُ
تجهّــم وجْــهُ الأنـسِ وهْـو بمفْرَقـي
أزاهِــرُ فــي خُضـْرِ الرُبـى تتبسـّمُ
لعِمّتِــه فــي الفَـوْدِ فضـْلُ ذُؤابـةٍ
علــى لِمّــةٍ كــادَتْ بهــا تتلثّـمُ
هـو الـواردُ المرغـوبُ عنـهُ فكلّما
ألـــمّ بفَـــوْدٍ وفْـــدُهُ يتـــألّمُ
جـوادٌ ولـم يُسـألْ وفـيٌّ ولـم يَعِـدْ
مُـــردّدُ وعْـــظٍ وهْـــو لا يتكلّــمُ
ومــن بعْـدِ مـا مـرّتْ ثلاثـون حجّـةً
وســبْعٌ يُــرامُ الأنْــسُ أو يُتــوهّمُ
وقــارَبْتُ مــن مَرْمَـى الأشـُدّ رَمِيّـةً
تُقَرْطِسـُها مـنْ حـادِثِ الـدّهْرِ أسـْهُمُ
وصـــوّحَ مرْعــىً للشــّبيبةِ مُخْصــِبٌ
وأيُّ شـــَبابٍ مونِــقٍ ليــسَ يهْــرَمُ
أُعلِّــلُ بالبُهْتــانِ قلبــاً مقلبـاً
وأُلـزِمُ منـهُ النفْـسَ مـا ليسَ يَلزمُ
وأُصــْغي لأقــوامٍ يُقيمــونَ ألْسـُناً
تُجــادِلُ فـي صـدْقِ المقـالِ وتَخصـُمُ
بَنــي زمـنٍ سـامُوا أبـاهُمْ زمانَـةً
فمـا لَـكَ فـي أفْعـالِهِمْ كيـف تحْكُمُ
لقـد أعرَبوا اسْمَ المَكْرُماتِ وبدّلوا
فلا فاعِــلٌ يُجْــزَى ولا فِعْــلَ يُجْـزَمُ
وأغْتَـرُّ بالـدُنْيا وإن كُنـتُ نِلْتُهـا
وأصــبحْتُ فــي أثوابِهــا أتنعّــمُ
وجُــدْتُ ولا مَــنٌّ بمــا ملَكَـتْ يَـدي
وربّــي يـدْري مـا بِـهِ أنـا مُعْلِـمُ
علـى حُبّـه والحُـبُّ فـي العَفْو مُطْمِعٌ
كمــا قــال إنّــي للثّلالـةِ مُطْعِـمُ
فلــوْ علِــمَ العُـذّالُ كُنْـهَ محبّـتي
لأقصــرَ عــن عَــذْلي وُشــاةٌ ولُـوَّمُ
ولكـن إذا لـمْ أحْـظَ يومـاً بـزَوْرَةٍ
يَطيــبُ بهـا فـي طَيْبـةٍ لـي مُخَيَّـمُ
فمـا شـهُبُ العليـاءِ حـوْلي مُنيـرةٌ
تَــروقُ ولا بحْــرُ المَكــارِمِ مُفْعَـمُ
ولا البُـرْدُ مَوْشـيُّ الحواشـي مُنَمْنَـمٌ
ولا الثـوْبُ مسـْدولُ المعـاطِفِ مُعْلَـمُ
ولا السـيْفُ مصْقولُ الغِرارِ ولا الهُدَى
رَحيــبٌ ليرْتــاحَ الجَـوادُ المُسـوَّمُ
ولا الـدّرْعُ فَضـْفاضٌ ولا الرّمْـحُ ذابلٌ
قــدِ اطّــرَدَتْ منـهُ الكعـوبُ مُقَـوَّمُ
ولا الـروْضُ ممْطـورُ الجـوانبِ مـائِدٌ
ممنّــــعُ أرْجـــاءِ الحِلالِ منعَّـــمُ
ولا الظّبْـيُ مصـْقولُ التّرائِبِ إنْ ثَنى
إلـى قصـْدِهِ الجيدَ انثَنى وهْوَ ضيْغَمُ
فمــا رابَ منْـهُ جيـدهُ وهْـوَ متْلَـعٌ
ولا راقَ منْــهُ اللحْــظُ وهْـوَ مُنـوَّمُ
لعلّــي بهـا أحْظـى فـألْحَقَ بـالأُلَى
ويُحْســَبُ قصــدي حيـنَ أُحْسـَبُ منهُـمُ
وأنّـى يخيـبُ القَصـْدُ والأكْـرَم الذي
يجــودُ بمـا شـاءَ العُفـاةُ ويُنْعِـمُ
وكيـــف وحُبّـــي للنّـــبي محمّــدٍ
لــهُ فـي حَصـاةِ القَلْـبِ خـطٌّ مُرسـَّمُ
ألا يـا رسـولَ اللهِ في النْفسِ حاجةٌ
وجاهُـكَ قـد يُرْجـى لمـا هـوَ أعْظَـمُ
رجَــوْتُ وأرْجــأْتُ الأمــورَ تيقُّنــاً
بــأنّ قضــاءَ اللــهِ أمْــرٌ محتَّـمُ
فَيــا ســائِلاً عمّـا أكنّـتْ جَـوانِحي
ومـا فـي ضـَميري لمْ يَفُهْ لي بهِ فَمُ
ســأحْظَى بمــا أمّلْتُــهُ إنّ مــدْحَهُ
بمـا نيْلُـهُ يُعْلـي المراتِـبَ يُعْلَـمُ
إذا لـم تُحِـطْ بالسـّرّ عِلماً فعدّ عنْ
مَلامــي فــإنّ اللـهَ أعْلـى وأعْلَـمُ
ودعْنــي فــأمْرُ اللــهِ جـلّ جلالُـهُ
لــهُ مــن وراءِ الغيْـبِ سـرٌّ مُكتَّـمُ
أتسـْتَحقِرُ الـدُنْيا وتسـتعظِمُ الـذي
تُـــؤمِّلُهُ منْهـــا وربُّـــكَ أكْــرَمُ
وكِلْنـي لمدْحِ المصْطَفى المُرسَل الذي
بـهِ اللـهُ يعْفـو عـن ذُنوبي ويرْحَمُ
يخلّــدُ فِكْــري فيــهِ كُــلَّ عجيبـةٍ
تُخَــطُّ علــى صـفْحِ الزمـانِ وتُرْسـَمُ
وينــزَعُ عــن قـوْسِ الإجـادةِ سـهْمَهُ
عســاهُ بحــظٍّ فـي الشـّفاعةِ يُسـْهَمُ
لعــلّ ذُنوبــاً فــي فـؤاديَ خلّفَـتْ
كُلومــاً يُــداويها الكلامُ المنظّـمُ
فكــمْ قَســَماتٍ للهدايــةِ تُجْتَلــى
وكـــمْ نفَحـــاتٍ للرّضــى تُتَنســَّمُ
عليـكَ سـلامُ اللـهِ مـا يمّـمَ الورَى
حِمــاكَ ومـا صـلّوا عليـكَ وسـلّموا
أبو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي.شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته.وقد ورث شاعرنا عن أبيه الذكاء الحاد والنبوغ المبكر، وقال الشعر صغيراً ولا يعرف له اسم سوى كنيته أبو الحسين.وكان ينظر في شبابه إلى العمل في ديوان الإنشاء ، وقد حصل له ما أراد بعمله في كتاب المقام العلي.ولما بويع يوسف الثالث مدحه ابن فركون، فنال عنده الحظوة، وغدا شاعره المختص المؤرخ لأيامه بشعرهوأصبح ابن فركون بفضل منصبه وأدبه مرموقاً في المجتمع الغرناطي.