
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَلــى أَيِّ الجِنـانِ بِنـا تَمُـرُّ
وَفــي أَيِّ الحَــدائِقِ تَســتَقِرُّ
رُوَيــداً أَيُّهـا الفُلـكُ الأَبَـرُّ
بَلَغـتَ بِنـا الرُبـوعَ فَأَنتَ حُرُّ
سـَهِرتَ وَلَـم تَنَـم لِلرَكـبِ عَينُ
كَـأَن لَـم يُضـوِهِم ضـَجَرٌ وَأَيـنُ
يَحُــثُّ خُطــاكَ لُـجٌّ بَـل لُجَيـنُ
بَــلِ الإِبريـزُ بَـل أُفـقٌ أَغَـرُّ
عَلـى شـِبهِ السُهولِ مِنَ المِياهِ
تُحيـطُ بِـكَ الجَـزائِرُ كَالشِياهِ
وَأَنــتَ لَهُـنَّ راعٍ ذو اِنتِبـاهِ
تَكُـــرُّ مَــعَ الظَلامِ وَلا تَفِــرُّ
يُنيـفُ البَـدرُ فَوقَـكَ بِالهَباءِ
رَفيعـاً فـي السُمُوِّ بِلا اِنتِهاءِ
تَخالُكُمـا العُيونُ إِلى اِلتِقاءِ
وَدونَ المُلتَقــى كَــونٌ وَدَهـرُ
إِلـى أَن قيـلَ هَـذا الدَردَنيلُ
فَسـِرتَ إِلَيـهِ وَالفَجـرُ الدَليلُ
يُجيــزُكَ وَالأَمــانُ بِـهِ سـَبيلُ
إِذا هُـوَ لَـم يُجِز فَالماءُ خَمرُ
تَمُـرُّ مِـنَ المَعاقِـلِ وَالجِبـالِ
بِعـالٍ فَـوقَ عـالٍ خَلـفَ عـالي
إِذا أَومَــأنَ وَقَّفَـتِ اللَيـالي
وَتَحمــي الحادِثــاتُ فَلا تَمُـرُّ
مَـــدافِعُ بَعضــَها مُتَقــابِلاتُ
وَمِنهــا الصـاعِداتُ النـازِلاتُ
وَمِنهــا الظـاهِراتُ وَأُخرَيـاتُ
تَـوارى فـي الصـُخورِ وَتَستَسـِرُّ
فَلَـو أَنَّ البِحـارَ جَـرَت مِئينا
وَكــانَ اللُـجُّ أَجمَعُـهُ سـَفينا
لِتَلقـى مَنفَـذاً لَلَقيـنَ حَينـا
وَلَمّــا يَمســَسِ البوغـازَ ضـُرُّ
وَبَعــدَ الأَرخَبيـلُ وَمـا يَليـهِ
وَتيــهٍ فــي العَيــالِمِ تيـهِ
بَـدا ضـَوءُ الصـَباحِ فَسِرتَ فيهِ
إِلـى البُسـفورِ وَاِقتَرَبَ المَقَرُّ
تُســايِرُكَ المَـدائِنُ وَالأَناسـي
وَفُلــكٌ بَيــنَ جَــوّالٍ وَراسـي
وَتَحضـُنُكَ الجَـزائِرُ وَالرَواسـي
وَتَجــري رِقَّـةً لَـكَ وَهـيَ صـَخرُ
تَسـيرُ مِنَ الفَضاءِ إِلى المَضيقِ
فَآنــاً أَنـتَ فـي بَحـرٍ طَليـقِ
وَآوِنَــةً لَــدى مَجــرىً سـَحيقٍ
كَمـا الشـَلّالُ قـامَ لَـدَيهِ نَهرُ
وَتَــأَتي الأُفـقَ تَطـويهِ سـِجِلّاً
لِآخَــرَ كَالســَرابِ إِذا أَضــَلّا
إِذا قُلنـا المَنـازِلُ قيلَ كَلّا
فَــدونَ بُلوغِهــا ظُهـرٌ وَعَصـرُ
إِلـى أَن حَـلَّ في الأَوجِ النَهارُ
وَلِلــرائي تَبَيَّنَــتِ الــدِيارُ
فَقُلنـا الشـَمسُ فيها أَم نُضارُ
وَيـــــاقوتٌ وَمُرجــــانٌ وَدُرُّ
وَدِدنـا لَو مَشَيتَ بِنا الهُوَينا
وَأَيــنَ الخُلـودُ لَـدَيكَ أَينـا
لِنَبهَــجَ خـاطِراً وَنَقَـرَّ عَينـاً
بِأَحسـَنِ ما رَأى في البَحرِ سَفرُ
بِلَـوحٍ جـامِعِ الصـُّوَرِ الغَوالي
وَديـــوانٍ تَفَــرَّدَ بِالخَيــالِ
وَمِــرآةِ المَنـاظِرِ وَالمَجـالي
تَمُـرُّ بِهـا الطَبيعَـةُ مـا تَمُرُّ
فَضــاءٌ مُثِّــلَ الفِـردَوسُ فيـهِ
وَمَـرأَىً فـي البِحـارِ بِلا شَبيهِ
فَـإيهٍ يـا بَنـاتِ الشـِعرِ إيهِ
فَمالَـكِ فـي عُقـوقِ الشِعرِ عُذرُ
لِأَجلِــكِ ســِرتُ فـي بَـرٍّ وَبَحـرِ
وَأَنـتِ الـدَهرَ أَنـتِ بِكُـلِّ قُطرِ
حَنَنـتِ إِلـى الطَبيعَةِ دونَ مِصرِ
وَقُلـتِ لَـدى الطَبيعَةِ أَينَ مِصرُ
فَهَلّا هَــزَّكِ التِــبرُ المُــذابُ
وَهَـذا اللَـوحُ وَالقَلَمُ العُجابُ
وَمــا بَينـي وَبَينَهُمـا حِجـابُ
وَلا دونــي عَلـى الآيـاتِ سـِترُ
جِهــاتٌ أَم عَــذارى حالِيــاتُ
وَمــاءٌ أَم ســَماءٌ أَم نَبــاتُ
وَتِلـــكَ جَــزائِرٌ أَم نَيِّــراتُ
وَكَيـفَ طُلوعُهـا وَالـوَقتُ ظُهـرُ
جَلاهـا الأُفـقُ صـُفراً وَهـيَ خُضرُ
كَزَهـرٍ دونَـهُ فـي الـرَوضِ زَهرُ
لَـوى نَحـرٌ بِهـا وَاِلتَـفَّ بَحـرُ
كَمـا مَلَكَـت جِهـاتِ الدَوحِ غُدرُ
تَلـوحُ بِهـا المَسـاجِدُ باذِخاتِ
وَتَتَّصــِلُ المَعاقِــلُ شــامِخاتُ
طِباقـاً فـي العُلـى مُتَفاوِتاتِ
ســَما بَــرٌّ بِهـا وَاِنحَـطَّ بَـرُّ
وَكَــم أَرضٍ هُنالِــكَ فَـوقَ أَرضِ
وَرَوضٍ فَـــوقَ رَوضٍ فَـــوقَ رَوضِ
وَدورٍ بَعضــُها مِـن فَـوقِ بَعـضِ
كَسـَطرٍ فـي الكِتـابِ عَلاهُ سـَطرِ
ســُطورٌ لا يُحيــطُ بِهِــنَّ رَسـمٌ
وَلا يُحصـــي مَعــانيهِنَّ عِلــمُ
إِذا قُـرِئَت جَميعـاً فَهـيَ نَظـمُ
وَإِن قُـرِئَت فُـرادى فَهـيَ نَـثرُ
تَـأَرَّجُ كُلَّمـا اِقتَرَبَـت وَتَزكـو
وَيَجمَعُهــا مِــنَ الآفـاقِ سـِلكُ
تُشـاكِلُ مـا بِـهِ فَالقَصـرُ فُلكُ
عَلـى بُعـدٍ لَنـا وَالفُلـكُ قَصرُ
وَنـونٌ دونَهـا فـي البَحرِ نونُ
مِـنَ البُسـفورِ نَقَّطَهـا السَفينُ
كَـأَنَّ السـُبلَ فيـهِ لَنـا عُيونٌ
وَإِنســانُ الســَفينَةِ لا يَقِــرُّ
هُنالِـكَ حَفَّـتِ النُعمـى خُطانـا
وَحاطَتنـا السـَلامَةُ فـي حِمانا
فَأَلقَينـا المَراسـِيَ وَاِحتَوانا
بِنـــاءٌ لِلخِلافَـــةِ مُشـــمَخِرُّ
فَيا مَن يَطلُبِ المَرأى البَديعا
وَيَعشــَقهُ شــَهيداً أَو سـَميعا
رَأَيـتَ مَحاسـِنَ الـدُنيا جَميعاً
فَهُـنَّ الـواوُ وَالبُسـفورُ عَمرو
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932