
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
اِجعَــل رِثــاءَكَ لِلرِجــالِ جَـزاءَ
وَاِبعَثــهُ لِلـوَطَنِ الحَزيـنِ عَـزاءَ
إِنَّ الـدِيارَ تُريـقُ مـاءَ شـُؤونِها
كَالأُمَّهـــاتِ وَتَنـــدُبُ الأَبنـــاءَ
ثُكـلُ الرِجـالِ مِـنَ البَنينِ وَإِنَّما
ثُكـلُ المَمالِـكِ فَقـدُها العُلَمـاءَ
يَجزَعـنَ لِلعَلَـمِ الكَـبيرِ إِذا هَوى
جَـزَعَ الكَتـائِبِ قَـد فَقَـدنَ لِـواءَ
عَلَــمُ الشـَريعَةِ أَدرَكَتـهُ شـَريعَةٌ
لِلمَــوتِ يَنظِــمُ حُكمُهـا الأَحيـاءَ
عــانى قَضــاءَ الأَرضِ عِلـمَ مُحَصـِّلٍ
وَاَليَــومَ عالَــجَ لِلسـَماءِ قَضـاءَ
وَمَضـى وَفيـهِ مِـنَ الشـَبابِ بَقِيَّـةٌ
لِلنَفــعِ أَرجـى مـا تَكـونُ بَقـاءَ
إِنَّ الشــَبابَ يُحَــبُّ جَمّـاً حـافِلاً
وَتُحَـــبُّ أَيّـــامُ الشـــَبابِ مِلاءَ
بِــالأَمسِ كـانَت لِاِبـنِ هَيـفٍ غَضـبَةٌ
لِلحَــقِّ نَــذكُرُها يَــداً بيضــاءَ
مَشــَتِ البِلادُ إِلـى رِسـالَةِ مِلنَـرٍ
وَتَحَفَّــزَت أَرضــاً لَهــا وَســَماءَ
فَلَمَحـتُ أَعـرَجَ في زَوايا الحَقِّ لَم
أَعلَـــم عَلَيـــهِ ذِمَّــةً عَرجــاءَ
اِرتَــدَّتِ العاهــاتُ عَــن أَخلاقِـهِ
لِســــُمُوِّهِنَّ وَحَلَّــــتِ الأَعضـــاءَ
عَطَفَتـهُ عَطـفَ القَـوسِ يَـومَ رِمايَةٍ
وَثَنَتــهُ كَالماضــي فَـزادَ مَضـاءَ
لَمّــا رَأى التَقريـرَ يَنفُـثُ سـُمَّهُ
ســَبَقَ الحُـواةَ فَـأَخرَجَ الرَقطـاءَ
هَتَـكَ الحِمايَـةَ وَالرِجـالَ وَراءَها
يَتَلَمَّســونَ لَهــا السـُتورَ رِيـاءَ
مـا قَبَّحـوا بِالصـُبحِ مِن أَشباحِها
راحــوا إِلَيــكَ فَحَســَّنوهُ مَسـاءَ
يـا قَيِّـمَ الـدارِ الَّتي قَد أَخرَجَت
لِلمُـــدلِجينَ مَنـــارَةً زَهـــراءَ
وَتَـرى لَـدَيها الـوارِدينَ فَلا تَرى
إِلّا ظِمـــــاءً يَنزِلـــــونَ رَواءَ
وَتُجـالِسُ العُلَمـاءَ فـي حُجُراتِهـا
وَتُســامِرُ الحُكَمــاءَ وَالشــُعَراءَ
تَكفيـكَ شـَيطانَ الفَـراغِ وَتَعتَنـي
بِالجـــــاهِلينَ تَرُدُّهُــــم عُقَلاءَ
دارُ الـذَخائِرِ كُنـتَ أَكمَـلَ كُتبِها
مَجموعَــــةٌ وَأَتَمَّهـــا أَجـــزاءَ
لَمّـا خَلَـت مِـن كِنـزِ عِلمِكَ أَصبَحَت
مِـــن كُـــلِّ أَعلاقِ الكُنــوزِ خَلاءَ
هَـزَّ الشـَبابُ إِلـى رَثـائِكَ خاطِري
فَوَجَـدتَ فِـيَّ وَفـي الشـَبابِ وَفـاءَ
عَبــدَ الحَميـدِ أَلا أُسـِرُّكَ حادِثـاً
يَكسـو عِظامَـكَ فـي البِلى السَرّاءَ
قُـم مِـن صـُفوفِ الحَـقِّ تلقَ كَتيبَةً
مَلمومَــةً وَتَــرَ الصــُفوفَ سـَواءَ
وَتَـرَ الكِنانَـةِ شـيبَها وَشـَبابَها
دونَ القَضـــِيَةِ عُرضـــَةً وَفِــداءَ
جَمَـعَ السـَلامُ الصـُحفَ مِن غاراتِها
وَتَـــأَلَّفَ الأَحـــزابَ وَالزُعَمــاءَ
فــي كُــلِّ وُجــدانٍ وَكُـلِّ سـَريرَةٍ
خَلَـفَ الـوِدادُ الحِقـدَ وَالبَغضـاءَ
وَغَـدا إِلـى ديـنِ العَشيرَةِ يَنتَهي
مَــن خــالَفَ الأَعمــامَ وَالآبــاءَ
لا يَحجِبــونَ عَلــى تجَنّيهِــم وَلا
يَجِـــدونَ إِلّا الصــَفحَ وَالإِغضــاءَ
وَالأَهـــلُ لا أَهلاً بِحَبــلِ وَلائِهِــم
حَتّــى تَراهُــم بَينَهُــم رُحَمــاءُ
كَـذَبَ المُريـبُ يَقـولُ بَعدَ غَدٍ لَنا
خُلــفٌ يُعيــدُ وَيُبــدِئُ الشـَحناءَ
قَلــبي يُحَــدِّثُني وَلَيـسَ بِخـائِني
إِنَّ العُقـــولَ ســَتَقهَرُ الأَهــواءَ
يـا سـَعدُ قَـد جَـرَتِ الأُمورُ لِغايَةٍ
اللَــهُ هَيَّأَهــا لَنــا مـا شـاءَ
سـُبحانَهُ جَمَـعَ القُلـوبَ مِنَ الهَوى
شــَتّى وَقَــوّى حَــولَهُ الضــُعَفاءَ
الفُلـكُ بَعـدَ العُسـرِ يُسـِّرَ أَمرُها
وَاِســتَقبَلَت ريــحَ الأُمـورِ رُخـاءَ
وَتَــأَهَّبَت بِــكَ تَســتَعِدُّ لِزاخِــرٍ
تَطَــأُ العَواصــِفَ فيـهِ وَالأَنـواءَ
رَجَعَــت بِراكِبِهــا إِلـى رُبّانِهـا
تُلقــي الرَجـاءَ عَلَيـهِ وَالأَعبـاءَ
فَاِشـدُد بِأَربـابِ النُهـى سـُكّانَها
وَاِجعَــل مِلاكَ شــِراعِها الأَكفــاءَ
مَن ذا الَّذي يَختارُ أَهلَ الفَضلِ أَو
يَـزِنُ الرِجـالَ إِذا اِختِيـارُكَ ناءَ
أَخــرِج لِأَبنـاءِ الحَضـارَةِ مَجلِسـاً
يُبقـي عَلى اِسمِكَ في العُصورِ ثَناءَ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932