
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
اليَـومَ أَصـعَدُ دونَ قَـبرِكَ مِنبَـرا
وَأُقَلِّــدُ الـدُنيا رِثـاءَكَ جَـوهَرا
وَأَقُــصُّ مِـن شـِعري كِتـابَ مَحاسـِنٍ
تَتَقَــدَّمُ العُلَمــاءَ فيـهِ مُسـَطَّرا
ذِكـراً لِفَضـلِكَ عِنـدَ مِصـرَ وَأَهلِها
وَالفَضـلُ مِـن حُرُمـاتِهِ أَن يُـذكَرا
العِلـمُ لا يُعلـي المَراتِـبَ وَحـدَهُ
كَـم قَـدَّمَ العَمَـلُ الرِجـالَ وَأَخَّرا
وَالعِلـمُ أَشـبَهُ بِالسـَماءِ رِجـالُهُ
خُلِطَـت جَهامـاً في السَحابِ وَمُمطِرا
طُفنـا بِقَـبرِكَ وَاِسـتَلَمنا جَنـدَلاً
كَـالرُكنِ أَزكـى وَالحَطيـمِ مُطَهَّـرا
بَيــنَ التَشـَرُّفِ وَالخُشـوعِ كَأَنَّمـا
نَسـتَقبِلُ الحَـرَمَ الشـَريفَ مُنَـوَّرا
لَــو أَنصــَفوكَ جَنـادِلاً وَصـَفائِحاً
جَعَلـوكَ بِالـذِكرِ الحَكيـمِ مُسـَوَّرا
يـا مَـن أَرانـي الـدَهرُ صِحَّةَ وُدِّهِ
وَالـوُدُّ فـي الـدُنيا حَديثٌ مُفتَرى
وَسـَمِعتُ بِـالخُلُقِ العَظيـمِ رِوايَـةً
فَـأَرانِيَ الخُلُـقَ العَظيـمَ مُصـَوَّرا
مـاذا لَقيـتَ مِـنَ الرُقـادِ وَطولِهِ
أَنـا فيـكَ أَلقـى لَوعَـةً وَتَحَسـُّرا
نَـم مـا بَـدا لَـكَ آمِناً في مَنزِلٍ
الـدَهرُ أَقصـَرُ فيهِ مِن سِنَةِ الكَرى
مـا زِلـتَ فـي حَمـدِ الفِراشِ وَذَمِّهِ
حَتّـى لَقيـتَ بِـهِ الفِـراشَ الأَوثَرا
لا تَشــكُوَنَّ الضــُرَّ مِــن حَشـَراتِهِ
حَشـَراتُ هَـذا النـاسِ أَقبَحُ مَنظَرا
يــا سـَيِّدَ النـادي وَحامِـلَ هَمِّـهِ
خَلَّفتَــهُ تَحــتَ الرَزِيَّــةِ مـوقَرا
شـَهِدَ الأَعـادي كَـم سـَهِرتَ لِمَجـدِهِ
وَغَـدَوتَ فـي طَلَـبِ المَزيـدِ مُشَمِّرا
وَكَـمِ اِتَّقَيـتَ الكَيـدَ وَاِسـتَدفَعتَهُ
وَرَمَيـتَ عُـدوانَ الظُنـونِ فَأَقصـَرا
وَلَبِثـتَ عَـن حَـوضِ الشَبيبَةِ ذائِداً
حَتّـى جَـزاكَ اللَـهُ عَنـهُ الكَوثَرا
شــُبّانُ مِصــرَ حِيـالَ قَـبرِكَ خُشـَّعٌ
لا يَملِكــونَ سـِوى مَـدامِعِهِم قِـرى
جَمَـعَ الأَسـى لَـكَ جَمعَهُـم في واحِدٍ
كـانَ الشـَبابَ الواجِدَ المُستَعبِرا
لَـولاكَ مـا عَرَفوا التَعاوُنَ بَينَهُم
فيمــا يَسـُرُّ وَلا عَلـى مـا كَـدَّرا
حَيـثُ اِلتَفَـتَّ رَأَيـتَ حَولَـكَ مِنهُـمُ
آثــارَ إِحســانٍ وَغَرســاً مُثمِـرا
كَـم مَنطِـقٍ لَـكَ فـي البِلادِ وَحِكمَةٍ
وَالعَقـلُ بَينَهُمـا يُبـاعُ وَيُشـتَرى
تَمشـي إِلـى الأَكـواخِ تُرشِدُ أَهلَها
مَشـيَ الحَـوارِيّينَ يَهـدونَ القُـرى
مُتَواضــِعاً لِلَّــهِ بَيــنَ عِبــادِهِ
وَاللَــهُ يُبغِـضُ عَبـدَهُ المُتَكَبِّـرا
لَـم تَدرِ نَفسُكَ ما الغُرورُ وَطالَما
دَخَـلَ الغُـرورُ عَلى الكِبارِ فَصَغَّرا
فــي كُــلِّ ناحِيَــةٍ تَخُـطُّ نِقابَـةً
فيهـا حَياةُ أَخي الزِراعَةِ لَو دَرى
هِــيَ كيمِيــاؤُكَ لا خُرافَـةُ جـابِرٍ
تَـذَرُ المُقِـلَّ مِـنَ الجَماعَةِ مُكثِرا
وَالمــالُ لا تَجنـي ثِمـارَ رُؤوسـِهِ
حَتّـى يُصـيبَ مِـنَ الـرُؤوسِ مُـدَبِّرا
وَالمُلـكُ بِـالأَموالِ أَمنَـعُ جانِبـاً
وَأَعَــزُّ ســُلطاناً وَأَصـدَقُ مَظهَـرا
إِنّــا لَفــي زَمَـنٍ سـِفاهُ شـُعوبِهِ
فـي مُلكِهِم كَالمَرءِ في بَيتِ الكِرا
أَسـِواكَ مِن أَهلِ المَبادِىءِ مَن دَعا
لِلجِـدِّ أَو جَمَـعَ القُلـوبَ النُفَّـرا
المَـوتُ قَبلَـكَ في البَرِيَّةِ لَم يَهَب
طَــهَ الأَميــنُ وَلا يَسـوعُ الخَيِّـرا
لَمّـا دُعيـتُ أَتَيـتُ أَنثُـرُ مَـدمَعي
وَلَوِ اِستَطَعتَ نَثَرتُ جَفني في الثَرى
أَبكـي يَمينَـكَ فـي التُرابِ غَمامَةً
وَالصـَدرَ بَحـراً وَالفُـؤادَ غَضَنفَرا
لَـم أُعـطَ عَنـكَ تَصَبُّراً وَأَنا الَّذي
عَزَّيـتُ فيـكَ عَـنِ الأَميـرِ المَعشَرا
أَزِنُ الرِجـالَ وَلـي يَـراعٌ طالَمـا
خَلَـعَ الثَنـاءَ عَلى الكِرامِ مُحَبَّرا
بِــالأَمسِ أَرسـَلتُ الرِثـاءَ مُمَسـَّكاً
وَاليَـومَ أَهتِـفُ بِالثَنـاءِ مُعَنبَرا
غَيَّرتَنــي حُزنــاً وَغَيَّـرَكَ البِلـى
وَهَـواكَ يَـأبى فـي الفُؤادِ تَغَيُّرا
فَعَلَـيَّ حِفـظُ العَهـدِ حَتّـى نَلتَقـي
وَعَلَيــكَ أَن تَرعـاهُ حَتّـى نُحشـَرا
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932