
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نَبَــذَ الهَــوى وَصــَحا مِــنَ الأَحلامِ
شــَرقٌ تَنَبَّــهَ بَعــدَ طــولِ مَنــامِ
ثـــابَت ســـَلامَتُهُ وَأَقبَــلَ صــَحوُهُ
إِلا بَقايــــا فَــــترَةٍ وَســــَقامِ
صـاحَت بِـهِ الآجـامُ هُنـتَ فَلَـم يَنَـم
أَعَلــى الهَـوانِ يُنـامُ فـي الآجـامِ
أُمَــمٌ وَراءَ الكَهــفِ جُهـدُ حَيـاتِهِم
حَرَكــاتُ عَيــشٍ فــي ســُكونِ حِمـامِ
نَفَضوا العُيونَ مِنَ الكَرى وَاِستَأنَفوا
ســـَفَرَ الحَيــاةِ وَرِحلَــةَ الأَيّــامِ
مَـن لَيـسَ فـي رَكـبِ الزَمـانِ مُغَبِّراً
فَاِعــدُدهُ بَيــنَ غَــوابِرِ الأَقــوامِ
فــي كُــلِّ حاضــِرَةٍ وَكُــلِّ قَبيلَــةٍ
هِمَــمٌ ذَهَبــنَ يَرُمــنَ كُــلَّ مَــرامِ
مِــن كُــلِّ مُمتَنِــعٍ عَلــى أَرسـانِهِ
أَو جامِـــحٍ يَعــدو بِنِصــفِ لِجــامِ
يـا مِصـرُ أَنـتِ كِنانَـةُ اللَـهِ الَّتي
لا تُســــتَباحُ وَلِلكِنانَـــةِ حـــامِ
اِســتَقبِلي الآمــالَ فــي غاياتِهـا
وَتَـــأَمَّلي الــدُنيا بِطَــرفٍ ســامِ
وَخُــذي طَريـفَ المَجـدِ بَعـدَ تَليـدِهِ
مِــن راحَتَــي مَلِــكٍ أَغَــرَّ هُمــامِ
يُعنــى بِســُؤدُدِ قَــومِهِ وَحُقــوقِهِم
وَيَــــذودُ حياضــــَهُم وَيُحــــامي
مــا تاجُــكِ العــالي وَلا نُــوّابُهُ
بِالحــانِثينَ إِلَيــكِ فــي الإِقسـامِ
جَرَّبــتِ نُعمــى الحادِثـاتِ وَبُؤسـَها
أَعَلِمـــتِ حـــالاً آذَنَـــت بِــدَوامِ
عَبَســَت إِلَينـا الحادِثـاتُ وَطالَمـا
نَزَلَــت فَلَــم تُغلَــب عَلــى الأَحلامِ
وَثَبَــت بِقَــومٍ يَضــمِدونَ جِراحَهُــم
وَيُرَقِّـــــــدونَ نَــــــوازِيَ الآلامِ
الحَـــقُّ كُـــلُّ ســِلاحِهِم وَكِفــاحِهِم
وَالحَـــقُّ نِعـــمَ مُثَبِّــتُ الأَقــدامِ
يَبنــونَ حــائِطَ مُلكِهِـم فـي هُدنَـةٍ
وَعَلـــى عَـــواقِبِ شــِحنَةٍ وَخِصــامِ
قُــل لِلحَــوادِثِ أَقـدِمي أَو أَحجِمـي
إِنّـــا بَنــو الإِقــدامِ وَالإِحجــامِ
نَحـنُ النِيـامُ إِذا اللَيـالي سالَمَت
فَــإِذا وَثَبــنَ فَنَحــنُ غَيـرُ نِيـامِ
فينــا مِـنَ الصـَبرِ الجَميـلِ بَقِيَّـةٌ
لِحَـــوادِثٍ خَلــفَ العُيــوبِ جِســامِ
أَيـنَ الوُفـودُ المُلتَقونَ عَلى القِرى
المُنزَلــــونَ مَنـــازِلَ الأَكـــرامِ
الوارِثــونَ القُــدسَ عَــن أَحبـارِهِ
وَالخــالِفونَ أُمَيَّــةً فــي الشــامِ
الحــامِلو الفُصـحى وَنـورِ بَيانِهـا
يَبنـــونَ فيـــهِ حَضــارَةَ الإِســلامِ
وَيُؤَلِّفــونَ الشــَرقَ فــي بُرهانِهـا
لَــــمَّ الضـــِياءُ حَواشـــِيَ الإِظلامِ
تــاقوا إِلــى أَوطـانِهِم فَتَحَمَّلـوا
وَهَــوى الــدِيارِ وَراءَ كُــلِّ غَـرامِ
مـا ضـَرَّ لَـو حَبَسـوا الرَكائِبَ ساعَةً
وَثَنـوا إِلـى الفُسـطاطِ فَضـلَ زِمـامِ
لِيُضـــيفَ شــاهِدُهُم إِلــى أَيّــامِهِ
يَومــــاً أَغَــــرَّ مُلَمَّــــحَ الأَعلامِ
وَيَــرى وَيَســمَعُ كَيـفَ عـادَ حَقيقَـةً
مــا كــانَ مُمتَنِعـاً عَلـى الأَوهـامِ
مِــن هِمَّــةِ المَحكــومِ وَهـوَ مُكَبَّـلٌ
بِالقَيـــدِ لا مِــن هِمَّــةِ الحُكّــامِ
مِصــرُ اِلتَقَــت فـي مِهرَجـانِ مُحَمَّـدٍ
وَتَجَمَّعَـــــت لِتَحِيَّـــــةٍ وَســــَلامِ
هَـــزَّت مَناكِبَهـــا لَـــهُ فَكَــأَنَّهُ
عُـــرسُ البَيـــانِ وَمَـــوكِبُ الأَقلامِ
وَكَـــأَنَّهُ فـــي الفَتــحِ عَمّورِيَّــةٌ
وَكَـــأَنَّني فيـــهِ أَبـــو تَمّـــامِ
أَسـِمُ العُصـورَ بِحُسـنِهِ وأَنـا الَّـذي
يَــروي فَيَنتَظِــمُ العُصــورَ كَلامــي
شــَرَفاً مُحَمَّــدُ هَكَـذا تُبنـى العُلا
بِالصــــَبرِ آوِنَــــةً وَبِالإِقـــدامِ
هِمَـمُ الرِجـالِ إِذا مَضـَتَ لَـم يَثنِها
خِــدَعُ الثَنــاءِ وَلا عَـوادي الـذامِ
وَتَمــامُ فَضــلِكَ أَن يَعيبَــكَ حُســَّدٌ
يَجِــدونَ نَقصــاً عِنــدَ كُــلِّ تَمـامِ
المـالُ فـي الـدُنيا مَنـازِلُ نُقلَـةٍ
مِــن أَيــنَ جِئتَ لَــهُ بِـدارِ مُقـامِ
فَرَفَعـتَ إيوانـاً كَرُكـنِ النَجـمِ لَـم
يُضـــرَب عَلــى كِســرى وَلا بَهــرامِ
صــَيَّرتَ طينَتَــهُ الخُلـودَ وَجِئتَ مِـن
وادي المُلـــوكِ بِجَنـــدَلٍ وَرَغــامِ
هَــذا البِنـاءُ العَبقَـرِيُّ أَتـى بِـهِ
بَيـــتٌ لَـــهُ فَضــلٌ وَحَــقُّ ذِمــامِ
كــانَت بِــهِ الأَرقـامُ تُـدرَكُ حِسـبَةً
وَاليَــومَ جــاوَزَ حِســبَةَ الأَرقــامِ
يـا طالَمـا شـَغَفَ الظُنـونَ وَطالَمـا
كَثُــرَ الرَجـاءُ عَلَيـهِ فـي الإِلمـامِ
مــا زِلــتَ أَنـتَ وَصـاحِباكَ بِرُكنِـهِ
حَتّــى اِســتَقامَ عَلــى أَعَـزِّ دِعـامِ
أَسَّســـتُمو بِالحاســـِدينَ جِـــدارَهُ
وَبَنَيتُمــــو بِمَعـــاوِلِ الهَـــدّامِ
شـَرِكاتُكَ الـدُنيا العَريضـَةُ لَم تُنَل
إِلّا بِطــــولِ رِعايَــــةٍ وَقِيــــامِ
اللَـــهُ ســَخَّرَ لِلكِنانَــةِ خازِنــاً
أَخَــذَ الأَمــانَ لَهــا مِـنَ الأَعـوامِ
وَكَــأَنَّ عَهــدَكَ عَهــدَ يوســُفَ كُلُّـهُ
ظِـــلٌّ وَســـُنبُلَةٌ وَقَطـــرُ غَمـــامِ
وَكَــأَنَّ مــالَ المــودِعينَ وَزَرعَهُـم
فـــي راحَتَيـــكَ وَدائِعُ الأَيتـــامِ
مــا زِلـتَ تَبنـي رُكـنَ كُـلِّ عَظيمَـةٍ
حَتّـــى أَتَيـــتَ بِرابِــعِ الأَهــرامِ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932